ولكن تعليلها سهل. وهي أول درس تلقيته بكلية الطب في باريس
السبب يرجع إلى شعور الطبيب بخطر الجراثيم، فهو حين يشعر بانتقال العدوى إليه. ينفعل جسمه كله دفعة واحدة فيصرعه المرض
وهذا يشبه تمام الشبه ما يقع في عالم الاخلاق، فالرجل صاحب الوجدان السليم تؤذيه الهفوة الصغيرة فيقضي سائر عمره في استغفار وقد يقتله تأنيب الضمير، ولا كذلك المريض بالجسم والوجدان، فالأول يعاني العلل المهلكات ثم يموت قبل أو أن الموت، والثاني يُجرم نحو نفسه ونحو الإنسانية ثم يعيش وهو مستور الحال، لأنه يجهل خطر ما يصنع
ومن أجل هذه المعاني عشت شقياً في حياتي، فأنا تلميذ قديم من تلاميذ الغزالي، وكل شيء يجوز عندي إلا إيذاء الناس، وقد يتفق في أحيان كثيرة أن أهجم على خصومي بعنف، ولكنه عنف مصطنع، لأني لا أحشو المسدس بغير البارود، فيثور من حولهم الدخان، ثم يسلمون لأن القذيفة لم يكن فيها رصاص
ويصنع خصومي غير ما أصنع، لأني غبيَّ وهم أذكياء!
هم يحشون المسدسات بالرصاص ثم يقذفون، وكم يبقى الرميَّ على نبال؟! أولئك أعدائي، والعداوة الأثيمة تستبيح كل قبيح
ولكن ما ذنبي عند ليلى حتى تفضحني بين قومي وتضيع مستقبلي في مداواة الملاح؟
ما ذنبي عند ليلى التي هجرت في سبيلها وطني وأهلي؟
ما ذنبي عند ليلى؟ ما ذنبي عند عيونها السود وخدها الأسيل؟
ما ذنبي عند ثناياها العِذاب وصوتها الرخيم؟
أحبك يا ليلى وأستعذب في هواك كل عذاب
- ظمياء، ظمياء
- عيوني، عيوني
- هاتي التهم الثقال التي تفضلتْ بها ليلاي. انقليها بترفق ما أحب أن أموت في بغداد، فمقابرها مهجورة منسيَّة، كأنها مقابر المحبين، وليس فيها مسجد استروح بأن يصلَّي علىَّ فيه يوم أموت، فمساجدها تعرف الجمال في القباب وتجهل الجمال في المحاريب