الحب ظلام؟ وهل يدل هذا على فهم صاحبه ووقوفه على علم البيان العربي وسنن العرب في كلامها؟ إن صغار الطلبة يعرفون من دروس البلاغة أن هذا (تمثيل) يراد منه تشبيه صورة كاملة بصورة كاملة ووضع إحداهما مكان الأخرى على الأسلوب المجازي المعروف؛ ولا يمكن أن ينفك جزء من أجزاء هذه الصورة عن جزء. ومعنى هذا البيت: أن الحب الذي يجعلك مثل القمر، ملء ناظري وملء الدنيا، لا بد أن تكون له نهاية، شأن كل حب في الدنيا، كالليل يبدو فيه القمر مجلواً وضاء، ولكن الصباح الذي لا بد منه يخفى هذا القمر ويمحوه
وفي الكتاب المدرسي المقرر في مصر لطلاب السنة الرابعة الثانوية ما يكفي العلم به لتجنب الوقوع في هذا الخطأ الذي وقع فيه الأستاذ سيد قطب. ومن أمثلته أن تقول لمن يقصر في عمله ويرقب (العلاوة): إنك لا تجني من الشوك العنب. فهل يصح لرجل أن يسخر مثلما سخر، وأن يقول هذا خطأ لأن العلاوة ليست عنباً؟ ولا دخل للعنب في هذه المسألة. . . أو تقول لتلميذ قصر في الاجتهاد: الصيف ضيعت اللبن. فهل يجوز لناقد من طراز سيد قطب أن يقول له: هذا خطأ لأن الدراسة تكون في الشتاء لا في الصيف، وأنه ليس في مقرر الصف لبن؟
أهذا نقد؟ أهذا كلام؟
ومثله انتقاد سيد قطب تشبيه الرافعي رضي الله عنه الليل والنهار بشقي المقص (المجتمعين تحت مسمار الشمس)، ورده عليه بأن (الرافعي على باله أن الليل والنهار من الظواهر الأزلية العميقة. وأن بناءها هكذا عمل سرمدي دائم من بدء الخليقة إلى نهايتها) وإنهما ليسا شقي مقص
برافو سيد قطب! لقد كشفت أميركا؟
وما قولك بتشبيه شوقي الشفتين بشقي مقص من عقيق. ألم يخطر على باله إن الشفتين ليستا شقي مقص وإنما هما شفتان؟ والمجاز كله؟ ألم يخطر على بال أصحابه أن له حقيقة قد صرفوه عنها ببراعتهم وحدة أذهانهم؟ أنهدم المجاز كله يا سيد قطب؟
أهذا نقد؟ أهدأ كلام؟
إن الذي يجب الآن على الأستاذ شاكر وجوباً لا هوادة فيه، هو ألا يخط في هذه المناظرة