للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المتعلق بما تعالجه من شئون؟

ج - يلوح ذلك

ط - ولم لا تطلق إذاً اسم (البيان) على تلك الفنون الأخرى التي موضوعها (الكلام) ما دمت تطلق هذا الاسم (إطلاقاً) على فن موضوعه الكلام؟

ج - يرجع السبب في ذلك يا سقراط إلى أن الفنون الأخرى تكاد تتعلق فقط بأعمال اليد أو بما يشبه هذه الأعمال من إنتاج. أما البيان فلا ينتج أي عمل يدوي. ولا يقوم كل أثره ونفوذه إلاّ في الكلام فحسب. وهذا ما يجعلني أصرح بأن موضوع البيان هو الكلام، وما يجعلني أدعى أن قولي هذا صحيح!

ط - أعتقد أني فهمت ما تريد أن تعنيه بذلك الفن. ولكني أريد أن يزداد الأمر وضوحاً فأجبني: أليست عندنا فنون كثيرة؟

ج - بلى!

ط - ومن هذه الفنون - كما أظن - ما يقوم في أساسه على العمل دون أن يحتاج لغير أقل قدر من الكلام، أو دون أن يحتاج إلى كلام قط؛ فيتم عمله في صمت تام كالحفر والتصوير وفنون كثيرة أخرى مما قد قلت عنها - فيما يتراءى لي - أنها لا تتصل بالبيان قط؟ أصحيح هذا؟

ج - إنك لتمسك بفكرتي تماماً يا سقراط

ط - هذا بينا توجد على النقيض فنون أخرى تعتمد تقريباً على الكلام ولا تحتاج إطلاقاً إلى أي عمل كالحساب والإحصاء والهندسة ولعب الشطرنج وفنون أخرى كثيرة، إذ بين هذه ما يتطلب من الكلام أكثر مما يتطلب من العمل، بل إن أغلبها يتطلب بالفعل (كلاماً) أكثر. ولذلك تقوم كل قوتها وأثرها في الكلام فحسب. فترى هل البيان من ذلك النوع الذي ذكرت كما يبدو؟

ج - إنك تقول حقاً

ط - ومع ذلك فقصدك - كما أظن - ليس إطلاق اسم البيان على أحد هذه الفنون، لأنه ما إن نقول عامدين إن البيان فن تقوم كل قوته في الكلام حتى يتعلق بعضهم بالألفاظ ويخرج منها قائلا: (إنك إذاً تطلق البيان على الحساب يا جورجياس!). ولا أحسب أنك تسمي

<<  <  ج:
ص:  >  >>