وليس هذا الكتاب ما يسوء، وليس فيه ما يغضب المتحرجين، إنما هو أثر من الآثار الفنية أراد صاحبه أن يصور في وضوح وقوة ما بين النفس والجمال الخارجي من صلة. فهو إلى أن يكون رسالة في علم الجمال أدنى منه إلى أي شيء آخر.
والآن نستطيع أن نأخذ في الترجمة.
أركسيماك - أي سقراط إني أموت!. . اعطني شيئا من الروح! صب لي الفكرة!. . قدم إلى انفي ألغازك الحادة! هذا الطعام الذي لا رحمةفيه يتجاوز كل رغبة معقولة في الطعام، وكل ظمأ جدير بالثقة!. . يالها من حال، حال الذين يعيشون بعد جيد الألوان ويرثون عنها هضما!. . لم تعد نفسي إلا حلما تصنعه المادة التي تجاهد نفسها! أيتها الألوان الجيدة المسرفة في الجودة إني آمرك أن تمضي!. .
وأحزناه! مازلنا منذ وجبت الشمس فريسة لخير ما يوجد في الأرض، هذا الخير الهائل يضاعفه امتداد الزمان، يثقل محضره على النفوس حتى أني لتهلكني رغبة شاذة في أشياء جافة، خالصة للعقل. . . إيزن أن أجيء فأجلس إلى جانبك أنت والى جانب فيدر، موليا ظهري في جرأة لهذه اللحوم التي تتجدد دائما، ولهذه الأقداح التي لا تنضب، دعني أمدد لكلماتك، هذه الكأس العليا كأس عقلي، ماذا كنتما تقولان؟
فيدر - لم نكن نقول شيئا بعد. إنما ننظر إلى أمثالنا يأكلون ويشربون.
اركسيماك - ولكن سقراط لا ينقطع عن التفكير في شيء ما. . . . وهل استطاع قط أن يخلو إلى نفسه وأن يظل صامتا إلى أعماق النفس! لقد كان يبسم في حنان لشيطانه على الحافة المظلمة لهذه المأدبة. بم تغمغم شفتاك أي سقراط العزيز؟
سقراط - هما تقولان لي في هدوء أن الرجل الذي يأكل هو أعدل الناس. . .
اركسيماك - هذا هو اللغز وهذه هي شهوة العقل التي خلق اللغز ليثيرها.
سقراط - تقولان أن الرجل الذي يأكل يغزى ما فيه من خير وشر. كل لقمة يجدها تذوب وتتفرق في جسمه تقدم قوة جديدة إلى فضائله، كما تقدم قوة جديدة إلى رذائله دون تمييز وتنقسم في بعض الأنحاء بين الشهوة والعقل، وهي تقيم أود آلامه كما تنمي آماله. يحتاج إليها الحب كما يحتاج إليها البغض. وان فرحي وحزني وذاكرتي وهمي لتقتسم كما الاخوة