ط - وأي هذين النوعين يستعمله البيان بالمحاكم وبالجمعيات الأخرى في موضوع العدل والظلم؟ أهو الذي ينتج العقيدة بلا علم؟، أم هو الذي ينتج العلم فحسب؟
ج - واضح يا سقراط أنه هو الذي ينتج العقيدة
ط - فالبيان إذا - كما يلوح - عامل الإقناع المولد (للاعتقاد) في موضوع العدل والظلم، لا المولد (للمعرفة) في ذلك الموضوع؟
ج - نعم.
ط - ولا يُعنى الخطيب في المحاكم وغيرها من الجمعيات بتعليم العدل والظلم، ولكنه يسعى فقط لحمل الناس على (الاعتقاد) بهما. ثم هو لن يستطيع أن (يُعلم) أفراداً كثيرين دفعة واحدة مثل تلك الموضوعات الخطيرة في وقت قليل كهذا
ج - كلا بلا شك.
ط - وإذ قد قررنا ذلك أرجو أن نبحث عما ينبغي أن نقوله في البيان لأني لم أكون بعد فكرة دقيقة عما يجب أن أقوله فيه. عندما يجتمع أهل المدينة ليختاروا الأطباء وبناة السفن ومن عداهم أنواع الصناع، أليس صحيحاً أنه سوف لا يكون للخطيب أو (رجل البيان) هنا نصيحة يقدمها، مادام واضحا أنه يجب أن نختار الأكفأ والأمهر في كل من هذه المهن؟؟ وبالمثل في بناء الأسوار والمواني ومصانع الأسلحة: ألا نأخذ بآراء المهندسين؟؟ بل وعندما نتناقش في اختيار أحد القواد أو في النظام الذي نتقدم به نحو العدو أو في الموانئ التي يجب أن نستولي عليها: ألا يبدي هنا رجال الحرب رأيهم من دون الخطباء؟؟ ما رأيك في هذا يا جورجياس؟ إنك رجل بيان، وإنك لقادر على تأليف الخطب، فأنت خير من يتوجه إليه المرء لمعرفة أساس فنك، وتستطيع أن تصور لنفسك فضلاً عن ذلك أنني أعمل هنا من أجل مصلحتك. وأنه قد يوجد بين المساعدين من يرغبون في أن يكونوا تلاميذ لك كما ألاحظ في الواقع، ومن هم كثيرون في العدد إلى حد كبير، ولكنهم قد لا يجرؤون مع ذلك على توجيه الأسئلة إليك. .؛ وإذا فأقنع نفسك بأنني عندما أسألك فإنما أفعل كما لو كانوا هم أنفسهم يسألون قائلين: ماذا عساه يحدث لنا لو قد أخذنا بدروسك يا