عن الإعراب التقديري، وعن القول بنيابة علامة عن علامة
وقد عرفت أنه لا يمكن الاستغناء عن الإعراب التقديري، فلا نعيد ذلك هنا، وكذلك لا يمكن الاستغناء عن القول بنيابة علامة عن علامة، لأن اسم الضم كالمرادف لأسم الرفع وكذلك الفتح مع النصب، والكسر مع الخفض أو الجر؛ فإذا حصل رفع بغير الضم أو نصب بغير الفتح أو خفض بغير الكسر كان الأقرب إلى الفهم في ذلك أن يجعل بطريق النيابة، فيكون ما ذهبت إليه الجماعة فيه تعسيراً لا تيسيراً، وليس هناك ما يدعو إلى ارتكابه من اختصار في الإعراب أو نحوه، بل الأبواب هي الأبواب بحالها، والعلامات هي العلامات بدون تغيير فيها، الله إلا ذلك التغير الذي لا طائل تحته
فيجب أن تبقى علامات الإعراب على حالها، وأن تكون علاماتها الأصلية هي الضم في الرفع، والفتح في النصب، والكسر في الخفض، والسكون في الجزم، وأن تكون علاماتها الفرعية كما هي بدون زيادة أو نقص فيها إلا علامة واحدة نرى زيادتها في باب النداء، لأن المنادى فيه إذا كان مفرداً ينصب بالضم وما ينوب عنه من الألف والنون أو الواو والنون، فتكون الضمة في ذلك نيابة عن الفتحة، وقد نابت الكسرة عن الفتحة في جمع المؤنث السالم، ونابت الفتحة عن الكسرة في الاسم الذي لا ينصرف، فلا شيء في أن تجعل الضمة وما ينوب عنها نائبة عن الفتحة في المنادى إذا كان مفرداً
فيقال في إعراب - يا أحمد - أحمد منادى منصوب بالضمة نيابة عن الفتحة، وفي إعراب - يا زيدان - زيدان منادى منصوب بالألف النائبة عن الضمة نيابة عن الفتحة، وفي إعراب - يا زيدون - زيدون منادى منصوب بالواو النائبة عن الضمة نيابة عن الفتحة، وفي إعراب - يا سيبويه - سيبويه منادى منصوب بالضمة المقدرة نيابة عن الفتحة، ولابد من تقدير الضمة في المثال الأخير كما قدرت فيه عند الجمهور، لأن ظهورها في تابعه دليل على تقديرها فيه
ولا شك أن تقدير الجمهور للضمة في نحو - يا سيبويه - فيه تقريب لما ذهبنا إليه من تقديرها في نحو - جاء سيبويه - لأن الذي منع من ظهور الضمة عند الجمهور في نحو - يا سيبويه - إنما هو حركة البناء الأصلي، وهذا هو عين ما ذهبنا إليه من جعل هذه الحركة موجبة لتقدير الاعراب، وجعلها في ذلك كألف المقصور وياء المنقوص سواء