للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عمر بن عبد العزيز يشكو إليه من أن الإسلام أضرّ بالجزية ويسأله أن يأمر بفرضها على من أسلم، فما كان من عمر إلا أن كتب إليه كتابه المأثور، وفيه يقول (. . . فضع الجزية عمن أسلم - قبح الله رأيك - فان الله إنما بعث محمداً صلى الله عليه وسلم هادياً، ولم يبعثه جابياً. ولعمري لعمر أشقى من أن يدخل الناس كلهم في الإسلام على يديه)، وعلى الجملة فقد كانت سياسة الخلفاء ترمي إلى الإكثار من الخراج حتى أن بعضهم لم يأبه بما حلّ بالأهلين من شراهة العمال الذين عملوا على إرضاء الخليفة، الذي كان رضاؤه متوقفاً على تأدية الخراج، وعلى سدّ جشعهم في جمع الثروة الضخمة حتى لا تعوزهم الحاجة بعد عزلهم، الذي كانوا يترقبونه في كل وقت؛ مما أدى في كثير من الأحيان إلى انتقاض الأمة، وقيام الثورات في عهد بني أمية وبني العباس. وليس أدلّ على عناية الخلفاء بإكثار الخراج من أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح لما جبي خراج مصر وبلغ ١٤ , ٠٠٠ , ٠٠٠ دينار بعد أن جباه عمرو ١٢ , ٠٠٠ , ٠٠٠ دينار، عيّر عثمان بن عفان عمرا بقوله: (إن اللقاح بعدك درّت ألبانها) فأجابه عمرو (. . لأنكم أعجفتموها) مما يدلّ على أن سياسة الخلفاء نحو جباية الخراج كانت تميل إلى الشدّة، وعلى الأخص في عهد بني أمية وبني العباس، على أن خراج هذه البلاد أخذ يقلّ بعد عمرو وابن أبي سرح حتى أنه لم يبلغ زمن الأمويين والعباسيين ثلاثة ملايين إلا مرات معدودات حتى اضطر بعض الولاة إلى وضع الجزية على من أسلم.

حسن إبراهيم حسن

<<  <  ج:
ص:  >  >>