إعرابه، ولا يزال الخبر خبراً له بإعرابه الذي كان له
وليست منزلة هذه الأدوات من المبتدأ والخبر إلا كمنزلة أدوات الشرط من فعل الشرط وجوابه. وأنت حينما تعرب فعل الشرط لا تقول إلا أنه فعل الشرط، ولا تقول إنه فعل الأداة، وكذلك تقول في الجواب إنه جواب الشرط، ولا تقول إنه جواب إن وأخواتها، فإذا أضيف الشرط أو الجواب في بعض الأحيان إلى هذه الأدوات فان ذلك لا يكون إلا على ضرب من التجوز، لما لها من علاقة المجاورة والعمل فيهما، ولا يدل على أمر حقيقي في معنى الجملة
فهذا هو الذي نراه في اختصار هذه الأبواب، قد راعينا فيه ما يجب من مطابقة الإعراب للمعنى، ولم نقصد فيه الاختصار لذاته كما قصدته هذه الجماعة
وعلى ما ذهبنا إليه في ذلك يكون المبتدأ هو الاسم المحدث عنه في الجملة الاسمية، فيشمل ذلك اسم كان واسم إن، ويكون الخبر هو الاسم المحدث به في الجملة الاسمية، فيشمل ذلك خبر كان وخبر إن. وقد ذهب الكوفيون إلى أن المنصوب بعد كان وأخواتها حال لا خبر؛ ويمكن على هذا أن يكون المرفوع بعدها فاعلا لها، ويكون حكمها في ذلك حكم سائر الأفعال، ولا يكون هناك داع إلى تقسيم الأفعال إلى تامة وناقصة
ولا نرى بعد هذا كله في ذلك الموضوع إلا أن يلحق باب النائب عن الفاعل بباب المفعول به وغيره مما ينوب عن الفاعل، فيكون لنا مفعول به مرفوع في نحو - قُضيَ الأمرُ - ومصدر مرفوع في نحو - فإذا نُفخ في الصور نفخة واحدة - وظرف مرفوع في نحو - سهرت الليلة - وهذا الإعراب أولى من الإعراب المشهور في ذلك، لأن إعراب ذلك نائب فاعل لا يقوم على أساس قوي، إذ ليس في ذلك إلا حذف الفاعل للعلم به أو نحوه مما يحذف لأجله، والمفعول بعد حذف الفاعل باق على مفعوليته، ولا معنى لدعوى نيابته عن الفاعل، بل قد يحذف الفاعل ولا يجود ما ينوب عنه، نحو - سُقط في أيديهم - وهم يذهبون في هذا إلى نيابة المجرور، ولكنه تكلف ظاهر، وليس من اللازم أن ينوب شيء عن الفاعل عند حذفه، كما لا يلزم هذا في حذف المبتدأ ونحوه