ومن المواكب هولها في فيلق ... نشوان في يوم الفخار لواؤه
فأي مغن هذا المجلجل الذي اجتمعت فيه وهلة الأقدار وصخب الكتائب وهول الفيالق؟! إن هذه الصفات المروعة لا تصطلح على مغن ولو كان من (مطربي) محطة الإذاعة اللاسلكية بالقاهرة. . .
يقول في قصيدة (الذهول)
أم بلبل تحت ظلال النخيل ... أسكره الصدح
فنام. . . واستلقى عليه الأصيل ... والظل والدوح!
فإذا تصورنا استلقاء الأصيل أو الظل على البلبل بمعنى وقوع الظلال عليه، فكيف تستلقي الدوح على ذلك المسكين دون أن يرديه هذا المزاح الثقيل. . .؟
ويقول في هذه القصيدة:
الوجه ساج كصلاة الغدير ... . . . . . . بين الطيور
فكيف يصلي الغدير بين الطيور؟ لعله يريد (صلاة) الطيور على الغدير بحسوها منه، فقلب التعبير، كما فعل في مطلع قصيدة (عارية ستانلي باي) إذ قال:
من علم البحر لجاج الهوى ... وأترع الحب بشطآنه
فما أرى للشطر الثاني معنى مستقيماً إلا على (القلب) كأنه يريد: وأترع شطآنه بالحب، وإلا فما معنى أن الحب ملئ بشطآن البحر؟ ليس هذا إلا كخرق الثوب للمسمار!
يقول في قصيدة: (دمعة في قلب الليل)
لامَني في هواه خال من اله ... م بليد الفؤاد جمُّ الغباء
ردَّ عني يا ليل دعواه. . . إني ... كدت من لومه أحطم نائي
وهو - بطبيعة المعنى - يقصد من (نائي) الناي، ولكن القافية الهمزية العصّية جنت على الناي فهمزته ولمزته. . . ولست أدري لماذا لم ينتفع الشاعر بهذه الكلمة (ناء) التي اخترعها - في تصريع قصيدة (يوم التاج) إذ قال في المطلع:
شاديك من قصب الفرادس نايه ... ومن السنا والطيب علَّ غناؤه
ولم يقل (ناؤه) بدل (نايه)؟ لعله لم يرد استغلال الاختراع كثيراً، فاقتصر على حاجة القافية الماسة، أما التصريع فأمر فواته أهون. .