وسمي أهل هذا الشأن (الفقهاء) فإذا جمع امرؤ بين الصفتين جمع له اللفظان أو ما يراد فهما
وفي طبقات ابن سعد (كان ابن عمر جيد الحديث غير جيد الفقه، وكان زيد بن ثابت فقيها في الدين عالما بالسنن
وقد كان كثير من الصحابة والتابعين يكره كتاب العلم وتخليده في الصحف كابن عباس، والشعبي، والنخعي، وقتادة، ومن ذهب مذهبهم، وهؤلاء كلهم عرب طبعوا على حفظ جبلة العرب
قال ابن عبد البر: من كره كتاب العلم إنما كرهه لوجهين:
أحدهما - ألا يتخذ مع القرآن كتاب يضاهي به، ولئلا يتكل الكاتب على ما يكتب فلا يحفظ فيقل الحفظ. (مختصر جامع بيان العلم ص٢٤)
ولما انقرض عهد الصحابة ما بين تسعين ومائة من الهجرة وجاء عهد التابعين، انتقل أمر الفتيا والعلم بالأحكام إلى الموالي إلا قليلا (عن عطاء قال: دخلت على هشام بن عبد الملك فقال: هل لك علم بعلماء الأمصار؟ قلت: بلى قال: فمن فقيه المدينة. قلت: (نافع) مولى ابن عمر، وفقيه مكة (عطاء بن رياح) المولى، وفقيه اليمن (طاوس) بن كيسان المولى، وفقيه الشام (مكحول) المولى، وفقيه الجزيرة (ميمون) بن مهران المولى، وفقيها البصرة (الحسن، وابن سيرين) الموليان، وفقيه للكوفة (إبراهيم) النخعي الغربي، قال هشام: لولا قولك عربي لكادت نفسي تخرج) مناقب الأمام الأعظم للبزاز جـ١ - ص٥٧
عندئذ تضاءلت النزعة العربية إلى خطر التدوين وصارت كتابة العلم أمراً لازما (عن سعد بن إبراهيم قال: أمرنا عمر بن عبد العزيز المتوفى سنة ١٠١هـ - ٧٢٠م بجمع السنن فكتبناها دفترا دفترا فبعث إلى كل بلد له عليها سلطان دفترا) مختصر جامع بيان العلم ص٣٣
وقد بدت مخايل نهضته في التشريع الإسلامي منذ ذلك العهد فحصل تدوين بعض السنن وبعض المسائل ولم يصل إلينا من تلك المدونات إلا صدى
ويقول (جولد زيهر) في مقاله عن كلمة (فقه) في دائرة المعارف الإسلامية: (وينبغي ألا يعطى كبير ثقة لما نسب لهشام بن عروة من أنه في يوم الحرة حرقت لأبيه كتب فقه، ولا