ذلك هو جواب الأستاذ أحمد أمين عن أسئلة (سائل). والذي يعرف الأستاذ أحمد أمين ويعلم أن أخص ما يميزه حياة الضمير وسلامة المنطق، يدرك ما كابده الأستاذ من الجهد في إقناع نفسه بهذا الجواب. فإن (آلام فرتر) كتاب عالمي قرأه ولا يزال يقرأه ملايين من الفتيان والفتيات في جميع أمم الأرض، ولم نعلم أن أمة من هذه الأمم حضرته على الطلاب لأن (موضوعه حب هائم ينتهي بانتحار فظيع). وقد ترجم إلى العربية منذ ثمانية عشر عاماً، وأعيد طبعه سبع مرات، وقرأه كل مثقف في بلاد العروبة، ولم نسمع أن حاثة من حوادث الانتحار اليومية قد وقعت بسببه. وماذا يكون مصير التعليم والتمثيل إذا طبقنا عليه مثل هذا المبدأ على مآسي النوابغ في كل أدب؟. على أن فرتر مثال العفة والإخلاص والإيثار والتضحية، فلا يمكن أن يعاب من جهته الأخلاقية؛ والأستاذ أحمد أمين نفسه حين ألف كتابه (الأخلاق) قد اقتبس صفحة منه وعزاها إليه
أما (رفائيل) فحبه حب عذري صوفي لا نجد له مثيلا في الكتب ولا في الطبيعة. فهل يرى الأستاذ أن الحب جريمة وإن لم يجُرُّ إلى معصية؟ إن كان ذلك رأيه فلم لم يحضر القرآن على طلاب المسلمين لأن فيه (سورة يوسف)، والتوراة على الطلاب النصارى واليهود لأن فيها (نشيد الأناشيد)؟
لا أدري كيف قال الأستاذ:(ولم نر من الخير أن توضع أمثال هذه الكتب في أيدي الطلبة لناحيتها الأخلاقية لا لناحيتها البلاغية، ولو فعلنا لخالفنا ضمائرنا وهاج علينا أولياء أمور الطلبة بحق) فهل نسي صديقنا الأستاذ أحمد أمين أنه رئيس (لجنة التأليف والترجمة والنشر) وأنه هو نفسه الذي قرر طبع هذين الكتابين على نفقتها، وأنه هو نفسه الذي طلب إلى وزارة المعارف أن تشتري منهما لمكتبات مدارسها فاشترت؟
بقي الكتاب المسكين الثالث (في أصول الأدب)، وهذا الكتاب هو مجموعة مبتكرة من المحاضرات والمقالات تدور كلها حول الأدب وأصوله وقواعده. فليت شعري ماذا يريد الأستاذ بوحدة الموضوع الذي لم يجدها فيه؟ نحن لم ندع أنه قصة، ولم نقل أنه كتاب في موضوع معين. إنما هو بحوث نشرناها مفردة ثم جمعناها تحت وصفها العام كما فعل العقاد في (المطالعات)، والمنفلوطي في (النظرات)، والبشري في (المختار). ثم ما هذا المستوى الذي وضعه الأستاذ للطلاب وجعل فوقه (في أصول الأدب) وتحته (ضحى