وهناك جملة عوامل هي المسئولة عن هذه الحال التي يؤسف لها أشد الأسف. منها أن فترة النهضة المسرحية لم تدم أكثر من عشر سنوات، أقفلت بعدها لأغلب الفرق أبوابها، وأعلنت توقفها وإفلاسها. وأي صناعة لا يهتم زعمائها بالتدقيق والتركيز، مقضي عليها بالذبول والاندثار لا محالة. ومنها أن الضائقة المالية التي عرضت للفرقة على اختلاف ألوانها، حدت بأصحابها إلى التنكر لكبار أدبائنا وكتابنا الذين رأوا أن يساهموا في هذه الناحية الأدبية التي كانت وما تزال بكراً في بلادنا، ولا نذكر أن كاتباً كبيراً من كتابنا أثنى ذات يوم على مدير لإحدى فرقنا التمثيلية، المندثرة أو القائمة حتى الآن. . . ومنها أن نفراً من صغار النقاد جروا على الشماتة بكال رواية يقال إن صاحبها هو الأديب الكبير (فلان الفلاني) والزراية بجهوده وتأليفه بحق بغير حق، وبدافع من الفن أو من الحقد وصغار النفس. . .
والمباريات وإن كانت وسيلة من أحدث الوسائل لتشجيع البادئين والناشئين من المجتهدين، إلا أنها لا يمكن أن تؤدي النتائج المرجوة لرفعة المسرح والقصة المسرحية في أقصر زمن مستطاع. وبديهي أن الواجب إعداد المدرس قبل إيجاد التلميذ. . وإلا فعلى إي أساس يكتب البادئون قصص لزعماء الفن مشهود لها بالجودة، ومن أقلام كبار الكتاب والأدباء؟! لاشك أن كثيراً من شبابنا المثقفين عندهم استعداد كبير للظهور في ذلك الميدان الذي نكرر انه ما يزال بكراً، ولا تنقصهم إلا الإرشادات (الفنية) التي يمكن اكتسابها بالتعلم أو بتدقيق النظر في المسرحيات الناجحة.