للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والمحافظة على وحدتها. وأما إحياؤها فيكون بالتبصر والحكمة وحسن الرعاية والتمشي بها في السبيل الطبيعي لرقيها كلغة حية واحدة. ومن حسن الحظ أن لدينا اليوم من الوسائل ما نستطيع به المحافظة على لغتنا في مصر وفي سائر البلاد العربية، فانتشار المطبوعات وسهولة الانتقال من بلد إلى أخرى والإذاعة اللاسلكية كل هذه عوامل قوية على توحيد اللغة وتعميمها إذا نحن أحسنا استخدامها وتنظيمها.

ولست أتعرض في هذا المقال للغة الأدبية بل أترك ذلك لأدبائنا وكتابنا وإنما أريد أن أشير إلى بعض الصعوبات التي تصادف لغتنا اليوم كأداة للتعبير العلمي. فمن جهة لا تزال كمية التأليف العلمي في مصر وفي الأقطار العربية ضئيلة بحيث لا يمكن بحال ما أن تعتبر ممثلة لحالة العلم في العالم اليوم، ومن ناحية أخرى يعوز المؤلفات العلمية الموجودة التهذيب كما يعوزها التجانس في المصطلحات، فكثير من المدلولات العلمية لا توجد الصيغ اللفظية لها، وبعض المدلولات توجد لها صيغأما ضعيفة أو غير صالحة، كما انه توجد في بعض الأحايين صيغ متعددة للمدلول الواحد مما يؤدي إلى نوع من الفوضى في أدبنا العلمي يجب علينا تلافيها. والطريقة المثلى للتقدم تكون بتأليف لجان من الأخصائيين لمراجعة المؤلفات الموجودة وتهذيبها والعمل على تجانسها كما تكون بتكليف القادرين منا وتشجيعهم فرادى ومجتمعين على وضع المؤلفات في مختلف الفروع العلمية حتى تتألف لنا ثروة من الأدب العلمي يصح أن يعتمد عليها علماء اللغة في استخلاص المصطلحات والعبارات العلمية في لغتنا الحديثة وتحديد معانيها ومدلولاتها بمعاونة العلماء الأخصائيين في ذلك. ويجب أن اذكر بهذه المناسبة أن من العبث أن يحاول علماء اللغة وضع المصطلحات العلمية وضعا قبل ورودها في المؤلفات العلمية وشيوع استعمالها فان ذلك يكون من باب التسرع وقلب النظام الطبيعي لتطور اللغة وهو في الغالب مجهود أكثره ضائع إذ لا يمكن التنبؤ بما إذا كان مصطلح من المصطلحات سيبقى ويدخل في صلب اللغة أو سيموت ويحل غيره محله.

بقيت نقطة أريد أن أتعرض لها وهي العلاقة بين المصطلحات العربية ومصطلحات اللغات الحية الأخرى. ففي رأيي انه من الجائز استعمال مصطلح أجنبي في لغتنا (بعد تحويره ليتفق مع ذوق اللغة وأوزانها) بشروط أن يكون هذا اللفظ مستعملا في جميع اللغات العلمية

<<  <  ج:
ص:  >  >>