الحسام فكانت الحروب الصليبية التي ظلت زمناً طويلاً أهرق فيه من الدماء ما يدعونا لتسميتها بالمجازر البشرية
وفي أوائل عهد الدولة المملوكية كانت الخلافة العباسية مشرفة على الدمار، فلقد ظهر المغول في فارس، وتقدموا شطر أطراف الدولة ينتقصون منها شيئاً فشيئاً فدمروا مملكة خوارزم شاه وحملوا الدمار والهلاك، وكانوا يضمرون من الشر للإسلام ما تنبئ عنه مخالفاتهم الكثيرة مع البابوات وملوك أوربا لهدم الحنيفة السمحاء. وتم للمغول بعض ما أرادوه، فأزالوا الخلافة من بغداد ثم تحولوا شطر مصر، وكانت - كما هي اليوم - معقل الإسلام، فأخذت حملاتهم تنقض على أطرافها من جهة الشام، ولكن قيض الله للإسلام إذ ذاك هذه الدولة الفتية المملوكية فوجد رجالها في محاربة التتر ما يتفق وما نشأوا عليه من الفروسية. والعجيب في أمر هذه الدولة الناشئة أنها استطاعت أن تصد عادية قوم وطئوا أرض أوربة وأشرفوا على سهول المجر، وقضوا على الدولة الخوارزمية والخلافة في بغداد
وكان من رجال المماليك الظاهر بيبرس، فوجه جهوده بعد أخذه مقاليد الحكم بعد قطز إلى صد التتر فهزمهم عند البيرة كما هزمهم من قبل عند عين جالوت. والواقع أن ما بذله بيبرس من صدهم ونجاحه في هزيمتهم قد مكن لهيبة مصر في العالم الغربي حيث كانت الدول المسيحية تترقب الفرصة للانقضاض على مصر التي اضطلعت بأعباء السياسة ومواجهة العالم الغربي. كذلك خافه أمراء البيت الأيوبي لهزيمته قوماً كان يظن أن لن يستطيع أحد ما خضد شوكتهم. كذلك قضى على طائفة الحشيشيبن في بلاد الشام، وكانوا شوكة تقض مضجع ملوك المسلمين وتهدد الإسلام. ولقد عرض الأستاذ جمال الدين سرور لهذه النواحي في شيء من الإسهاب والتفصيل، وأن لم يكن ذلك بالكثير من أجل تاريخ حياة رجل أمد الإسلام بقوة، بعد أن كان مهدداً بالزوال أو الضعف الذي لم تكن ترجى بعده قوة له
كذلك تناول المؤلف الحضارة المصرية في عهده، فجاء بصورة مشرقة النواحي، تختلج الحياة بين سطورها، وتلتمع الفكرة الرشيدة والغاية النبيلة في النتائج التي جاءت بها هذه الحضارة من الاهتمام بالجيش والبحرية والرخاء المادي. ولو أنني حاولت في هذا المقال