السوريين والفرنسيين ذات صفة شخصية؛ وهي ليست موجهة ضد الأفراد الفرنسيين فحسب، بل إنها تتعداهم إلى أسرهم. وقد شرح لي أحد السوريين الشعور الذي يحمله أبناء وطنه بهذه العبارة:(أنني أحب فرنسا وأحترم الفرنسيين في بلادهم، ولكي أكرههم في بلادي التي باتت تئن من سوء إدارتهم)
أن أهم ما يتذمر منه السوريون هو أن فرنسا تسعى لجر المغانم المادية من وراء سورية. وهم يحملون الفرنسيين مسؤولية تأخر سورية الاقتصادي منذ عام ١٩٢٠؛ وهم يتهمون موظفي فرنسا وجنودها باستعمال مراكزهم الرسمية لابتزاز المال. وقد قلت مرة لسوري: أن الرشوة وسوء الاستعمال هما عند الموظفين من التقاليد التي اشتهرت بها الإدارة الوطنية. فأجاب:(من المحتمل أن تكون مصيباً في ملاحظتك، وأنا أؤكد لك أن الذين يؤمنون إيماناً صحيحاً بنزاهة موظفينا في عهد الاستقلال الآتي هم قليلون؛ ولكن إذا كان لا مفر لنا من الخيانة فإننا نفضل أن تذهب الرشوة إلى جيوب السوريين دون جيوب الأجانب فان صرفها في بلادنا لأرجح من صرفها في فرنسا)
ويقال أن هناك سبباً آخر ذا علاقة بالأخلاق يزيد في موقف السوريين العدائي؛ فالأسرة تلعب دوراً مهماً في حياتهم، والفساد الجنسي عندهم أقل مما هو عليه عند الأكثرية من جيرانهم العرب، ولهذا فأن معظم سكان سورية يعترضون بشدة على وجود الجنود الفرنسيين (الملونين) بينهم أن بقاء الجند الأجنبي في البلاد في أيام السلم لابد أن يأتي بنتائج مضرة، وخصوصاً إذا كانت جيوش الاحتلال منسوبة إلى أقوام يشتد عند أفرادها الميل الجنسي
مشاكل وزعماء ومجاهدون
كنت أود الاطلاع على المشاكل التي سيكون لها أثر في حياة سورية المستقبلة، ولهذا قصدت زيادة كل من: بطريرك الروم الأرثوذكس وهو رئيس أكبر طائفة مسيحية في سورية، وفارس الخوري وهو أكبر رجال السياسة في البلاد، والدكتور الكيالي وزير المعارف وعميد الجامعة، وفخري البارودي زعيم الشباب السوري وهو السياسي الذي يحتل المكانة الأولى في قلوب الجماهير