سيادة المطران الحاج لإقامة الذبيحة الإلهية في الصباح. وبعد الظهر غصت باحة فندق لبنان الكبير بالمدعوين إلى الحفلة الأدبية التي ترأسها سعادة فؤاد بك البريدي محافظ الشمال وحضرها جمهور غفير من الأعيان والمصطافين وقد تعاقب الكلام عن جبران وأدبه الأساتذة مارون عبود وعمر فاخوري وخليل تقي الدين وحليم كنعان
وقد قال الأستاذ سليم رحمة في خطابه الذي تحدث فيه عن الأعمال التي قامت بها اللجنة:
(أما العمل الذي تعتبره اللجنة في مقدمة واجباتها فهو إنشاء جائزة سنوية قدرها مائتا ليرة لبنانية سورية تشجيعاً للتآليف القيمة وسعياً لتحقيق أمنية في نفس جبران عندما كان لا يزال في قيد الحياة. ويسر اللجنة أن تساهم بهذه الجائزة في الحركة الأدبية، على أن تمنح الجائزة الأولى لأفضل كتاب يدرس جبران درساً واسعاً عميقاً شاملا. وقد سعت اللجنة في تأليف مجمع أدبي من كبار أدباء لبنان قوامه تسعة أعضاء: سبعة من حملة الأقلام المعروفين واثنان من بشرى)
ومن أنفس ما نشر في هذا العدد فقرات من رسائل تبودلت بين جبران ومي وُجدت بين مخلفاته؛ وهي تكشف عن ناحية مجهولة في حياة الصديقين العبقريين نختار منها قطعة من رسالة لمي تاريخها ١٥ يناير سنة ١٩٢٤
(. . . ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به. ولكني أعرف أنك محبوبي وأني أخاف الحب. إني أنتظر من الحب كثيراً فأخاف ألا يأتيني بكل ما أنتظر. أقول هذا مع علمي بأن القليل من الحب كثير. ولكن القليل في الحب لا يرضيني. والجفاف والقحط واللاشيء خير من النزر اليسير.
كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا وكيف أفرط به، لا أدري. الحمد لله أني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به، لأنك لو كنت حاضراً بالجسد لهربت خجلا بعد هذا الكلام، ولاختفيت زمناً طويلا فما أدعك تراني إلا بعد أن تنسى. حتى الكتابة ألوم نفسي عليها أحياناً لأني بها حرة كل هذه الحرية
أتذكر قول القدماء من الشرقيين: إنه خير للبنت ألا تقرأ ولا تكتب؟ إن القديس توما يظهر هنا. وليس ما أبدي هنا أثر الوراثة فحسب، بل هو شيء أبعد من الوراثة. ما هو؟
قل لي أنت ما هو هذا؟ وقل لي ما إذا كنت على ضلال أو على هدى، فإني أثق بك