للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إنني أشارك اللجنة في هذه الملاحظات، غير أنني أرى من الضروري أن يضاف إلى هذه العوامل الثلاثة عامل آخر، ربما كان أفعل من جميعها في توعير المسالك وتوليد الأخطاء:

هذا العامل هو النزوع إلى اعتبار مسائل الأعراب الغاية القصوى من دراسة اللغة، والاهتمام بالأحكام النحوية وبمواطن الأعراب أكثر من الالتفات إلى المعاني المقصودة ومواطن الاستعمال، كما شرحت ذلك وعللته في مقالي الأخير. إنني اعتقد أن التخلص من هذه النزعة ومن نتائجها، من أهم الأسس التي يجب أن تبنى عليها محاولات التيسير والإصلاح. .

ثانياً - تقترح اللجنة ترك فكرة الجملة الاسمية والجملة الفعلية، وحذف تعبيرات الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ والخبر، واستبدال هذه التعبيرات المختلفة بكلمتي الموضوع والمحمول (حسب اصطلاح المناطقة)

وأنا لا أرى في ذلك وجهاً للتيسير، بل أعتقد أن هذه الخطة تزيد الأمر صعوبة، كما أنها تخالف طبيعة اللغة العربية مخالفة واضحة. . .

وذلك لأن تفهم المبتدأ والخبر، وتمييز الفاعل، أسهل بكثير من تفهم المحمول والموضوع وتصورهما. كما أن تقسيم الجملة إلى اسمية وفعلية أكثر انطباقاً على خصائص اللغة العربية:

إذ من المعلوم أن بعض اللغات محروم مما يشبه الجملة الاسمية، لأن كلمة جملة فيها تحتوي على فعل، ولو كان من النوع الذي يدل على الكينونة والصيرورة؛ غير أن اللغة العربية لا تدخل في عداد تلك اللغات، لأنها تساعد على تكوين جمل بدون أفعال؛ فتمييز الجمل الاسمية من الفعلية، ودرس كل منها على حدة، يكون أقرب إلى طبيعة اللغة العربية، وأوفق لمقتضيات أصول التدريس. . .

ولا أراني في حاجة إلى القول بأن درس كل نوع من هذين النوعين من الجمل على حدة، لا يعني عدم إجراء مقارنة بينهما. . . لأن التمييز بين الجملة الاسمية والجملة الفعلية لا يمنعنا من لفت النظر إلى المشابهة الموجودة بين الفاعل والمبتدأ، من حيث المعنى ومن حيث الأعراب. . . ولا أشك في أن الإقدام على مثل هذه المقارنات مما يضمن لنا الحصول على الفوائد المتوخاة من التقريب، دون أن يعرضنا للمشاكل التي تتولد من

<<  <  ج:
ص:  >  >>