السبق!! ثم غابت الأصوات في مطاوي الفضاء، واستولى على المطار اللجِب سكون وصمت، حتى إذاأزف موعد الرجوع سَرَحت العيون في الجو، وسبحت النفوس في الخيال، وتجاذبت أمم أوربا حبل الأمل في الظفر! هل هي فرنسا؟ هل هي إنجلترا؟ هل هي المانيا؟ ولم يقل أحد لا منا ولا منهم هل هي مصر؟ ولكن القدر على الغيب منا ومنهم قالها! وكان الجواب الحاسم عند لطيفة النادي!
من كان يخطر بباله منا - ولا أقول منهم - أن الآنسة لطيفة بنت الخدر العربي، وذات الخفر المصري، تباري أساطين الطيران ذوي الماضي البعيد والمران الطويل والخبرة الواسعة وهي لم تقض في علاج هذا الفن غير ستة شهور، فكيف يقع في الظن أن تسبق سابقهم وتهبط الأرض قبله بدقيقة كاملة؟
هنالك طفر المصريون من الفرح، وماد الأجانب من الذهول، واقبل المحكمون على الطائرة المُجَليَّة، يعصرون يدها من الإعجاب والدهشة، ويقولون والعرق البارد يتألق فوق الجباه الزٌّهر، كما يتألق رشح الرطوبة فوق الرخام الأبيض، يا آنسة قبلنا سبقك موضعاً ورفضناه شكلاً!! لان هناك على ساحل البحر (خيمة) أخرى لم تدوري حولها، والخطأ خطأ المنظمين لأنهم لم يضعوها في مكانها!
ثم منحوا المصلى الفرنسي جائزة المال، ومنحوا السابقة المصرية جائزة الشرف! وهل تبتغي مصر غير ذلك؟ ليقل لنا أصحاب (النشرة البذيئة) ما رأيهم في هذا الشعب؟ إلا يرون أنهم جحدوا فضله كما غمطوا حقه؟ إلا يجدربربائب المدنية وللعلم أن يفهموا أن عجز القيادة وتردد السياسة وطغيان الدخيل، إنما تخمد الشعور إلى حين، وتضعف الأخلاق إلى حد؟ وأن الأمم الحرة بطبيعتها، لا تلبث أن تنفي الزغل عن حقيقتها، فتظهر مجلوة الصفحة نقية الأديم؟ أفلا ينظرون إلى المصري في الميادين الحرة كيف سبقت قدمه وعلت يده؟ ألسنا في الرياضة والسباحة والغناء والأدب والطب أبطالا عالميين أو شبه عالميين؟
أن أسوأ الآراء الأوربية في مصر ربما كان عن المرأة، فانتصار البطلة لطيفة في هذا الميدان الخطير يصحح الخطأ في العقول المنصفة، ويُقر الحق في النفوس الكريمة،
افتحوا لنا باقوم طريق الحياة، وأفسحوا لنشئنا مجال العمل، وخلوا بين نفوسنا وبين الحرية، ثم انظروا بعد ذلك ماذا يفعل الفتى، كما رأيتم بعيونكم ماذا فعلت الفتاة!