والحق أن كل ما ذهبت إليه في إصلاح الأعراب من القوة بحيث لا يكن معارضته، ولولا تعنت هذا العصر وجموده وجحوده لكان له شأن عندنا غير هذا الشأن، ولوجد من أنصاف العلماء ما يؤثره على مذهب القدماء في الأعراب. وإنه لا يهمنا هذا الجحود والجمود، لأنا بما نكتب في الإصلاح إنما نرضي به أنفسنا قبل كل شيء ونقوم بما نعتقده واجباً علينا، ولا يجني هذا الجمود والجحود إلا على الأمة التي ترضى به، ولا تحاول التخلص منه بعد أن صار بها إلى ما صارت إليه
وهاهي ذي آنستنا الفاضلة تشهد بقيمة هذا الإصلاح الذي أتينا به، ولكنها تقع بعد هذا في سهو ظاهر تنقص بهما هذه الشهادة، والذنب في ذلك عليها لا علينا، لأن ما ظنته تناقضاً في كلامنا لا حقيقة له
فقد بنت هذا التناقض على أنا قلنا في مقالنا الرابع إن الحرف لا حظ له من الأعراب أصلاً، ولو رجعت الآنسة الفاضلة إلى هذا المقال لوجدت أن هذا ليس من قولنا، وإنما هو من قول الجمهور في الرد على القراء، إذ يذهب إلى إعراب الحرف إعراباً محلياً، ويتفق مذهبنا مع مذهبه في ذلك إلى حد ما. ولسنا من الغفلة إلى حد أن نذهب في أول مقال لنا إلى أعراب الحروف إعراباً ظاهراً، ثم نعود فنقول في المقال الرابع إن الحروف لا حظ لها من الأعراب أصلاً
وكذلك لم توفق آنستنا الفاضلة حين أنكرت علينا مخالفتنا فيما أتينا به من تطبيقات للأعراب المعروف في مذهب الجمهور، لأنه لا حرج علينا في ذلك أصلاً، ونحن لم نأت بهذه التطبيقات إلا لنبين للناس مقدار هذه المخالفة، وليس من المعقول أن نخالف الجمهور في قواعد الأعراب ثم نجري تطبيقاتنا على مذهبهم لا على مذهبنا
فلا تناقض إذن في كلامنا، ولا شيء يمنع آنستنا الفاضلة من أن تجعل شهادتها لدراستنا خالصة مطلقة