جمال الغواني قاسَم الله خلقه ... فصبَّ عليه من تحجبه رغما
كأنك غضبي حين أبدأك برقع ... لقد رقَّ يا أختي فحلاكِ إذ نما
بعينيك من ردَّ العيون فصاغها ... قسياً ومن أصمي بنظرتها سهما؟
جوانحنا من شبَّ فيهن جذوة ... ومن سهدت فيه العيون ومن أدمى
دعونا نرفِّه عن حشانا بآهةٍ ... تبلُّ الحشى برداً ويندى بها نسما
دموع الأسى تشفي وليست مبينة ... تلهيك بالأطيار إذ هتفت عُجما
بني مصر لولا أعينُ الغيد فتنة ... لما مُلئت حسناً ولا مُلئت ظلما
يذمون من (بنت الهوى) طاعة الهوى ... وهم نظموها في شقيَّاته نَظما
شفاء الفتى من سكرة المال والصبا ... ضمين به الإتلاف يلحقه العدما
لمن شرفٌ ريعت به كلُّ حرَّةٍ ... فلم يبكه جانٍ رأى جرحه يدَمى
ولدتم كهاتيك القلوب نوابضاً ... فخافوا عليهن الجريمة والاثما
لقد طُبعت طبع الحديدة فيتةٌ ... تجافت فلا داءً شفته ولا كلما
أجداً يظن الشحُّ ألا أبوةٌ ... عليهم لمن ذاق الخصاصة واليتما
ألا مصنعٌ مجدٍ ألا ملجأ ندٍ ... يفيض لهم علماً ويندى لهم طُعما
مدارسنا لا النبل فيهن حلية ... ولا العلم خصم الجهل يصرعه خصما
مدارس تجار إذا هي أربحتْ ... خسرنا بها الآداب أجمع والعلما
لقد ساد زيغ الرأي فليشك محسن ... كبارَ المساعي يوم تكسبه ذمَّا
كفى الناس تضليلاً بخدٍ مموَّهٍ ... وبالنابه المكذوب يبنونه ضخما
إذا وصفوا بالعلم والفهم نابهاً ... زهْوهُ ولم يفتنك علماً ولا فَهما
كأن بعيد الصيت يعتزُّ باسمه ... تساقط حتى ما يروعك إلا اسما
كأني بسحَّار النباهة كلما ... تقلب في زعم أجدُّوا له زعما
توحَّدَ مغمورُ القوافي بيانهُ ... كخط الأغاني يبعث الطرب الجما
قل الزور يستاق الجماهير فتنةً ... ورحْ شيخها نُبلاً ولح بدرها تما!
صدى الناس من يحكي وكم فيهم صدىً ... ولكنَّ جزْلَ الرأي من يحسن الحكما
سما النيلُ يستعدي على الجور قومه ... فياربُّ سدِّده لأربحهم سهما