ط - ذلك جد ممكن. ولكن أترى من ناحيتك أن أولئك الذين يظلمون يكونون سعداء إذا فروا من العقاب؟
ب - تماما
ط - وأنا أرى أنهم أشقى الأشقياء وأن أولئك الذين يلقون جزاء ظلمهم يكونون أقل منهم شقاء!. أتريد مناقضتي أيضاً في هذه النقطة؟
ب - أواه يا سقراط إنها لأصعب في المناقضة من سابقتها!
ط - لا تقل (أصعب) يا بولوس بل قل (مستحيل) لأنك لن تناقض (الحق أبداً)
ب - أي شيء تقول؟ ذاك هو شقي باغتناه وهو يحاول أن يكون ظالماً طاغياً فأوقفناه، وعذبناه، فسلمنا عينيه وقطعناه بقسوة بمختلف وسائل التعذيب، ثم أنزلنا بامرأته وأولاده نفس العذاب، ثم صلبناه أخيراً وطلينا جسده بالقار وحرقناه حياً!، أترى لا يكون هذا الشخص أسعد لو قد فَرَّ وصار طاغياً فحكم مدينته، واشبع شهواته، وأصبح موضوعاً للإعجاب والحسد من الأجانب والمواطنين؟؟ ذلك ما ترى أن مناقضته مستحيلة يا سقراط!!
ط - إنه لخيال مزعج ذلك الذي تقدمه أيها الشجاع بولوس! ولكنك مع هذا لم تناقضني في شيء لأنك لم تفعل إلا مثلما فعلت عندما كنت تقدم شهودك!! لذلك أرجو أن تذكرني بشيء يسير!. لقد فرضت أن ذلك الشخص كان يطمح (بظلم) إلى الطغيان؟؟