(وجوباً) عطية أكبر من (ثمن الشعر) هي (الصّبْحة) فإذا زال النهار أهدى إليها هدية، لابدّ أن يكون فيها إزار للحمام ثمين وقد يكون منسوجاً بخيوط الفضة، ومناديل (مناشف) الخ. . . ثم تأتي نفقات (السبعة الأيام) يقيم فيها الأقارب والأهلون في داره، تولم لهم كل يوم الولائم، وُيطرفون بأنواع الطرف، فإذا انتهت دعوا جميعاً إلى الحمام، وقد قلّ ذلك في هذه الأيام منذ كثرت الحمامات في الدور، وأهملت الحمامات العامة أو كادت، ثم يدعو أهلها (أي أهل الزوجة) جميعاً وأهله إلى وليمة كبيرة تسمى (التعريفة) يعرَّف فيها بعضهم ببعض - وقد يبلغ المدعون إليها المئات في بعض الأسر الكبيرة. . .
فأنى لمثلى الطاقة على هذه المصروفات التي تخرب بيوت الأغنياء؟ وإني لأعرف قاضياً شرعياً زوج ابنه، فتكاثرت عليه النفقات، فلم يقدر عليها حتى باع بيته - لينفق ثمنه في ليالي العرس! هذا أول موانع الزواج وأظهرها. . .
الحجاب
وهب أني قد وقعت على كنز، أو أصبحت إرثاً فأصبحت غنياً توفر لي ما أبتغي من المال فكيف أختار زوجتي؟ أما الحاسرات المتبرجات اللائى يعرف الرجال كلهن: صدورهن ونحورهن وأيديهن وسوقهنَّ، فأنا (بحمد الله) أعقل من أن أتخذ منهن زوجة، ولو كانت ابنة ماء السماء، وأعلم العلماء، وما أحسب ذا دين ومروءة، يرضى أن يتزوج بمن رضيت لنفسها إهمال الدين، وإسقاط المروءة، بتعرّضها في زينتها وفتنتها للرجال، تستهويهم وتأخذ بأيديهم إلى النار. . . بقى علىَّ المتحجبة من بنات الأسر، وهي التي لا سبيل إلى رؤيتها إلا ليلة الزفاف، وبعد أن يكون الغلَّ قد استدار حول عنقي، والقيد قد أحكم أقفاله على يدي ورجلي، ولم يبقى لي إلا أن أقبل بها ولو كانت لها وجه قرد وأخلاق شيطان!
أفهذا من المعقول؟
يريد المرء سفراً، فيتحرى عن أخلاق رفيقه أياماً، ليعلم أيوافقه أم يخالفه؛ ويبتغي أجيراً فيراه ويبحث عن أصله وفصله، ويجرَّبه أياماً؛ ويعزم على أن يتزوج، فلا يرى رفيقة حياته ومهوى قلبه، وموضوع حبه، إلا بعد أن يتم كل شيء؟
مع أن الشرع أباح له أن يراها ويجالسها. . . ومع أنها تخرج إلى السوق فيراها (على