ومن العجب أن دماغين كبيرين تواردت خواطرهما على مسألة وأحدة، وبينهما الدهرالأطول، وبينهما ما بين المشرق والمغرب فوقعا فيها على الصواب الذي نعرفه ولا نريد أن نتبعه: ولما كانت القادسية، ولم يجد الناس نساء مسلمات، تزوجوا نساء أهل الكتاب، فلما كثر المسلمات بعث عمر بن الخطاب إلى حذيفة بن اليمان بعد ما ولاه المدائن:(بلغني أنك تزوجت امرأة من أهل المدائن من أهل الكتاب فطلقها) فكتب إليه: (لا أفعل حتى تخبرني أحلال أم حرام، وما أردت بذلك؟) فكتب إليه عمر: (لا، بل حلال، ولكن في نساء الأعاجم خلابة، وإن أقبلتم عليهن غلبنكم على نسائكم) فقال حذيفة: الآن! وطلقها.
هذا حكم الرجال العظيم، عمر، وقد حكم به في المدينة منذ ألف وثلاثمائة سنة. وأما الثاني فحكم الرجل العظيم موسوليني، حكم به المؤتمر الفاشي في روما، في هذا الأسبوع، حين كان من مقرراته منع الإيطاليين من الزواج بالأجنبيات فمن لم يعظه قول عمر، فليعظه حكم موسوليني!