(ما أحلى دعوتك يا صديقي وما كان أشدها تأثيراً على نفسي! لقد شعرت وأنا أقروها بسرور عميق، وتركز في ذهني أن هذه الدعوة مقبولة. . . ما أسعدني إذا صرت في المستقبل أما (أعتقد أنك تعرف تماماً أن حنيني للزواج في فيما مضى وتمردي وثورتي على هذه الحياة، لم تكن إلا لأني رأيته وسيلة للحصول على الطفل؛ فقد تنبهت في غريزة الأمومة بشكل هائل؛ تصور يا أستاذي، صرت أكره الأطفال لأني ليس لي بينهم ولد؛ وكنت إذ أرى أمَّا تعانق طفلها وتضمه إلى صدرها أحس بألم مرير ويحز بقلبي وكاد يقطعه. وكثيراً ما كنت أتشاغل وأشيح بوجهي حتى لا تقع عيني على هذا المنظر. لست حسودة والله، ولكن شدة إحساسي كانت تجعلني بهذا الوضع. . . أما الآن فأنا مسرورة لأقصى حدود السرور، وأتمنى لو أنثر الخير والسعادة على الجميع. . . . . .
(. . . والله يعلم أن ليس لي أي غاية مادية من وراء هذا الزواج، وليس قصدي منه إلا الحماية والستر، لأني مللت ومرض قلبي من فضول الناس. . .)
وكانت على نية زيارة مصر لتزور الرافعي مع زوجها، اعترافاً بحقه عليها، ولكن القدر لم يمهله حتى يحين الموعد، وحان أجله قبل أن ينظر بعينيه الفتاة التي تبناها على بعد الدار وشغلته أحزانها بضع سنين، فلما ابتسم لها القدر وتحققت أحلامها ناداه أجله وما شاركها ابتسامة الفرح وتهاني المسرة. . .!
تقول له في رسالتها المؤرخة ١٥١١٩٣٧:(الصديق الكريم. ..
(. . . ولماذا أخشى هذه المقابلة يا أستاذ؟ وهل أنت مخيف لهذه الدرجة. . . على كل حال إذا وجدت ما يرعبني فسأختبئ وراء (زوجي) ولا بد أنه يحسن الدفاع عني. لا، لا، سألبس درعاً متينة تقيني (شرّ) هذه المغناطيسية القوية، ولكني أخاف يا أستاذي أن يكون الحديد أكثر انجذاباً، وأكون حينئذ أسأت من حيث أردت الإحسان. . . صحيح أنني معجبة، ولا أزال، وسأبقى دائماً، ولكن ألا ترى أن الإعجاب و. . . قد يتفقان أحياناً وقد يختلفان؟ ثم أليس. . . معان كثيرة وأساليب عديدة. . .؟