أن يتعلم فن الحرب اليوم كما تعلم مسح الأرض من قبل وتخطيطها وكما تعلم القانون حتى حذقه، بل وكما تعلم القراءة والكتابة قبل ذلك جميعاً وهو بين مطارح الغابة.
شمر الرئيس عن ساعده وراح يدرس ويتعلم لايني ولا يكل ساعات طويلة من النهار وساعات من الليل؛ الخريطة مبسوطة أمامه، ومعلموه من الحربيين يتناوبون العمل معه واحداً بعد الآخر حتى فهم بعض الفهم وأصبح له شيء من الرأي! يا الله من هذا العبقري الجبار الذي يحمل على كتفيه ما كان ينوء بحمله أطلس أو أخيل!
واستطاع الرئيس بعد مدة أن يدلي للقواد برأي في فهم، ولكنه كان حذراً يعرض الفكرة ويترك القطع بصحتها للقائد المرسلة إليه. ولقد كتب مرة إلى أحدهم برأيه ثم شدد عليه ألا يتقيد به قائلا إنه يلومه أكبر اللوم إن هو تحيز له أو تردد عن العمل تمليه عليه خبرته إذا كان ذلك الرأي لا يتفق وهذه الخبرة. . .
على أنه يكتب إلى ما كليلان نفسه ذات مرة مشيراً عليه بما يجب أن يعمل، في خطة مرسومة على أساس فني، ولما رد ما كليلان عليه يرفض تلك الخطة لم يقره الرئيس، وعاد فكتب إليه يسأله أسئلة تدل على فهم دقيق وإلمام شامل، ويدع له أن يجيب على تلك الأسئلة الفنية إجابة صريحة ونزيهة والرئيس مستعد بعدها أن يقره. . ثم تحاكما إلى أخصائيين، فما زال الرئيس يدلى لهم بحججه ويريهم أن خطته أضمن وأسلم من خطة القائد ما كليلان، ولكنهم، آخر الأمر أقروا خطة ما كليلان، فلم يسع الرئيس إلا أن يذعن وإن كان لا يزال يرى وجاهة آرائه. .