للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيدمر بن علي الجلدكي، ذكر في كتاب نهاية الطلب في شرح المكتسب بتقريب: أنه كان سبب بطش هرون الرشيد بهم ما اشتم منهم أنهم يريدون تحويل الدولة من آل العباس إلى آل علي، وذلك كله غلط نشأ من قلة التتبع، فان البرامكة - لعنهم الله - هم الذين سعوا في قتل موسى عليه السلام فان يحيى بن خالد هو الذي بعث علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن أخي موسى على السعاية بموسى عند هرون لداع دعاه إلى ذلك مذكور في كتب الأخبار، والفضل بن يحيى هو الذي بعث بالسم إليه فقتله بأمر هرون وبيد السندي بن شاهك، بل روى أن يحيى لم يكتف بذلك حتى أراد أن يغري هرون بقتل الرضا، فقال هرون: أما يغنينا ما صنعنا بأبيه؟ أتريد أن نقتلهم جميعا؟ وقد رواه الصدوق في العيون (عيون اخبار الرضا) عن صفوان بن يحيى وذكر في آخره أن البرامكة كانوا متعصبين على أهل بيت رسول الله - ص - مظهرين العداوة لهم، وبالجملة الذي يظهر من الأخبار المعصومية أن الله لم يغير ما بالبرامكة من النعمة إلا من جهة سعيهم ومباشرتهم قتل موسى، فكيف يجري فيهم هذا الاحتمال؟) عن صحيفة الأبرار (٣٩٦: ٢)

وهذه شهادة من أقوى الشهادات، فان محمد تقي التبريزي هذا شيخي المذهب فارسي الأصل والبرامكة من جنسه، ولكن الحق عزيز على أهله فلا يضيعونه ولا يفارقونه، وحل هذه المشكلة التاريخية (إن البرامكة إذ أدخلوا الرشيد سياسة البغي واستدرجوه إلى قسوة الحكم وقتل السادة الأبرار الأبرياء من بني عمه تلقفهم بالرأي الحازم الحاسم ووضع فيهم السيف وعراهم بالمصادرة والعذاب، فعفى على آثارهم وبئست عاقبة القوم المكذبين بالدين الساعين في قتل السادة العرب وحفظة الإسلام وأهل الهدى والتقوى، ولو لم يكن لهم من المساعي الخبيثة النتائج إلا قتلهم موسى بن جعفر لاستحل خليفة الزمان قتلهم، فكيف وقد ضحوا بكثير من العلويين وغيرهم من بهاليل العرب؟ فالرشيد أذن قد ندم على ما كان من الغفلة وأسف على أرواح أولئك الأبرياء وفطن لما يريد بنو برمك به وبالإسلام وسادات العرب، فانتقم وتدارك واستغفر، وهل من دليل على ذلك أقوى من قوله ليحيى - وقد نقلناه (أما يغنينا ما صنعنا بأبيه؟ أتريد أن نقتلهم جميعا؟) ومن أنه لما أرسل مسروراً الخادم لقتل جعفر بن يحيى قال له جعفر: بم يستحل أمير المؤمنين دمي؟ فقال له مسرور (قال أمير المؤمنين: بقتلك ابن عمه عبد الله بن الحسن بن علي بغير إذنه. فهذا دليل أصرح ما يكون

<<  <  ج:
ص:  >  >>