أولى بهما، فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعلمون خبيرا)
كل تلك الآيات المحكمات وغيرها تدل دلالة واضحة على أن الآداب تكتسب بالتعليم والمرانة والتعويد. فإذا فاتت الطفل فرصة تأديبه وتعويده الأخلاق الكريمة في منزله فيجب ألا تفوته تلك الفرصة في مدرسته حتى يستقبل الحياة العملية مزوداً بالزاد المثمر المنتج وحتى لا تضيع عليه فرصة ذهبية هي أولى الفرص بالتأديب والتموين. وهي فوق ذلك أحسنها وأثمنها وأغلاها. ولقد أيد ذلك الرأي علماء التربية والباحثون فأقاموا الدليل تلو الدليل على أن الأخلاق تربى في الإنسان وتقوى فيه بالتعويد ورياضة النفس. وقديماً قالوا في الحكم والأمثال (الحلم بالتحلم، والكرم بالتكرم)
فلم يبق إذن شك في ذلك وليس فيه ما يدعو إلى البحث والتنقيب إنما الذي يدعو إلى البحث والتنقيب هو:
أولاً - معرفة تلك الأخلاق الكريمة التي يجب أن يتصف بها الإنسان في حياته
ثانياً - طرق غرس تلك الأخلاق وتعهدها وما فعلت المدرسة المصرية في هذا السبيل وما لم تفعل
ثالثاً - معرفة ما يتصف به شبابنا في الوقت الحاضر من صفات لا تناسب نهضتنا ولا تتفق مع ماضينا وقوميتنا بما يقعد بهم عن الإقدام على الأعمال الحرة فيؤثر تأثيراً سيئاً في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية ويؤدي إلى عرقلة سير النهضة القومية. وأخيراً بحث الطرق العملية المؤدية إلى استئصال ذلك
الأخلاق المطلوبة
مما لاشك فيه أن الأخلاق القويمة التي نصت عليها الشرائع السماوية كالصدق والأمانة والجد والاستقامة والصبر وفعل الخير وإحقاق الحق والعدل والمساواة في حرية الرأي والشورى. . . الخ هي الأسس التي يجب أن يعنى بها كل مصلح، والتي يجب أن يبثها في ولده كل والد، وفي تلاميذه كل مدرس. على أن هناك أموراً خلقية أخرى قد تؤدي إليها المحافظة على الأمور السابقة وتعودها كما يلزمنا المجتمع الحاضر وأحوال المدنية الحاضرة وأساليب الحياة الحالية بالعمل على خلقها في نفوس أبنائنا فرادى وجماعات حتى