عنه في الحال الغرامة التي يجب دفعها نظير ارتكاب تلك المخالفة
هذا درس عملي عظيم إذا توخت مثله المدرسة في تربية أبنائها على احترام القانون والنظام العام أنتج أحسن الثمرات، وجاد بأطيب الخيرات والبركات. ثم لماذا نذهب بعيداً وعندنا من أمثال ذلك في صدر الإسلام الشيء لكثير؛ فلقد خرج عمر ابن الخطاب ذات ليلة يتفقد أحوال رعيته، فلما تعب اتكأ على جدار في جوف الليل وإذا امرأة تقول لابنتها: يا بنتاه قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء. فقالت: يا أماه أو ما عملت بما كان من عزمة أمير المؤمنين؟ فقد أمر مناديه فنادى لا يشاب اللبن بالماء. فقالت: قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء فانك بموضع لا يراه عمر ولا منادي عمر. فقالت الابنة: والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء. كل ذلك وعمر يسمع تلك المحاورة فقال لمولاه أسلم:(علم الباب واعرف الموضع). ثم مضى؛ فلما أصبح الصباح قال:(يا أسلم، أمض إلى الموضع فانظر من القائلة ومن المقول لها؟ وهل لهما من بعل؟). فذهب ورجع فأخبر عمر؛ فدعا ولده وقال:(هل فيكم من يحتاج إلى امرأة فأزوجه. ولو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد؟). فقال له عاصم:(أنا يا أبتاه لا زوجة لي فزوجني). فزوجها من عاصم فولدت له بنتاً وولدت البنت عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وهو ذلك الخليفة الذي يضرب به المثل في الورع والتقى والزهد وإحقاق الحق وإقامة العدل