للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الفتاة النيران بدافع غير سيئ! حتى ولو لم يكن الدافع لها على ذلك هو روح بطولة، وأؤكد أنني لم أتصرف تصرفاً كهذا في حياتي، مهما كان الدافع إليه مما يجعله - في نظري - على درجة عظمى من البطولة الحق!!

على أنني قرأت بعد ذلك بأمد، كتاباً للمستر (روبرت هيوبنس) اسمه (الجبان) انتهى أمر بطله إلى نفس تلك النهاية ذاتها، غير أن الصور النفسية فيه كانت أقلَّ رداءةً! كما أني قبل أن أضع لختام قصتي فكرة احتراق البيت، كنت أنوي أن أختتمها بانتحار البطلة! وكانت خاتمة كهذه خليقة بإنجاح القصة في نظري!

وبعد أن لبثت هذه الخواطر الفجة المتداعية متأرجحة في ذهني ست سنين أو سبعاً؛ نتج منها آخر الأمر شيء له هيكل (القصة). . . على أن عملي لم يكن ليتجاوز تصوير بعض الشخصيات التي خالطتها وخبرتها من كثب وتأثرت بها في مدارس الرهبنة

وإني لأذكر جيداً أنني لم أنفق أكثر من ستة شهور أو سبعة في تسجيل فصول هذه القصة تسجيلاً نهائياً. على أني لم أكن أكتب إلا في أوقات فراغي؛ وقد أخذت أوقات الفراغ هذه في التضاؤل بعد أن وضعت الحرب أوزارها، واستؤنفت الأعمال بهمة ونشاط

على أن فصول القصة لم تُكتب تباعاً، وإنما كنت أشرع في الكتابة حالماً أحس الرغبة في ذلك، فأثبت الحلقات الضرورية، بحيث أصل بين الصفحات كلما بدا لي أنها قد انفصل بعضها عن بعض. وهذه الطريقة - إذا جازت تسميتها كذلك - كانت كل ما في وسعي، لأنه لم تكن لدي أية فكرة إنشائية عن فن القصة، بل لم يكن وجود مثل هذه الفكرة ليخطر ببالي. وإني لأتصور أن قليلاً من قصص الناشئة قد كتب بمثل ما كتبت به حرارة العاطفة. ولقد استمرأت الكتابة بسرعة وبقلة اكتراث؛ وكان مضحكاً أن أقرأ للفصول الطوال على أصدقائي في صوت مرتفع؛ وكان من هؤلاء الأصدقاء واحدة فقط تتنبأ لقصتي بصلاحيتها للنشر، وربما لم يكن بين الباقين من آمن بصحة نبوءتها!

وفرغت من الكتابة في (إيستر) عام ١٩١٦ حين كنت معتزمة الرحيل، وقد كنت أؤمل أن أنتهي من أمرها قبل رحيلي، وإني لأذكر جيداً كيف كتبت بعض الصفحات الأخيرة وأنا جاثية إلى منضدة، بسبب عدم وجود مقاعد ساعتذاك في بيت الغرباء الذي كنت فيه، وما كدت أنتهي من الكتابة على هذا النحو حتى هرعت فلحقت القطار

<<  <  ج:
ص:  >  >>