وتَلمحُ صُورتَها في المياهِ ... فتضْحَكُ من قَولِ حُسادِهَا
ولو أَنها نَزَلتْ في الجِنانِ ... لأزرَتْ بأجْمَلِ أورَادِهَا
يخفُّ إليها نسيمُ الربيعِ ... يُذَكرُها يومَ مِيلادِها
ووالدُهَا غائِبٌ في البلادِ ... يقومُ بتنظيم أجْنادِها
فيكتبُ مُسْتملحاً لو تَسيرُ ... إليهِ فَيَحظى بإِسعادِها
وتصحبها أمها للسلامِ ... على زوجها. . وهي لا تبتسمْ
فقد علّمْتها صُروفُ الزمانِ ... بأنَّ الطلاقةَ شيءٌ يُذَم
يذمُ. ولابْنتها نظْرةٌ ... تَبشُّ إلى كلّ وجْهٍ - وفَم
وتجري بها الفُلكُ وسْطَ البِحَارِ ... وأمواجُها دائِماً تلتَطِم
فتُلقي بها تارة كالدلاءِ ... وترفَعُها تارة كالعَلَم
إلى أنْ يَلوحَ لها - حيثُ لاحَ ... قديماً - فنارٌ يُنيرُ الظُلَم
فتَذهَلُ واجِمة. . . كالذي ... يَرى شَبحاً في ثناياهُ دَمْ
وتذكُرُ حُباً خلا في الوُجود ... لشخصٍ طَوى صفحَتيهَ العَدم
فتَبسم. . لكنَّ في نَفْسِها ... مَرَارةَ ذِكرَى تُثيرُ الألمَ
على أن ذاكَ الفَتى لم يَمتْ ... فقَدْ صارَ نابِغة في الفُنُون
تلقَّى من الكَونِ إلهامَهُ ... ومثَّلَ آياتِهِ في اللحونْ
فما هيَ إلا الضُحى في امتِدادٍ ... وما هيَ إلا الدُجى في سُكون
كأنَّ على يدِهِ العُودَ طِفلٌ ... يبُثُّ الوَرَى شجْوَهُ بالأَنين
يرِنُّ. . فتَقْطُرُ منهُ القُلوبُ ... وتأخذُ موضِعَها في العُيون
ويصُغي إليهِ المحبُّ الغَيورُ ... ويُدْركُ في الحُبِّ سرَّ الجُنون
وتنْعطِفُ الأمُّ نَحوَ الرَضيعِ ... وفي صدْرِها جدْوَل من حَنين
ويحْلمُ بالمجْدِ طرفُ الجَبانِ ... وإن ذاقَ في المجدِ كأْسَ المنون
لأنَّ المعانيَ من كلِّ لَوْنٍ ... تَفوزُ بجلوَتِها في الرَنينْ
ويُبْصرُها وهْوُ في مَحْفِل ... يُوقَّعُ أنغامَهُ في الغَزَلْ
وقدْ حوَّلُ الصمْتُ تلك العُيونَ ... شِفاهاً تدُلُّ على ما تَدُل