ط - وذلك الذي نخلصه هو الشخص الذي ننبهه ونعلمه، ونوبخه ونعنفه، ونقدمه ليقلى جزاء فعلته!
ب - نعم
ط - وذلك الذي يعيش كأشقى ما يعيش الناس، هو ذلك الذي يحتفظ بظلمه بدلاً من أن يتخلص منه
ب - نعم
ط - أو ليست هذه تماماً حالة الشخص الذي يرتكب أفظع الجرائم، وينهج أظلم المناهج، ثم ينجح في وضع نفسه فوق الإنذار والعقاب والتأديب، كما فعل - تبعاً لقولك - (أرشليوس) وكما يفعل الطغاة الآخرون من خطباء وسلاطين؟
ب - يلوح ذلك.
ط - إن هؤلاء يا عزيزي بولوس قد سلكوا تقريباً نفس السبيل الذي يسلكه من يصاب بأخطر الأمراض، ولكنه يعمل على إهمال سؤال الأطباء عن أمراضه الجسمية، وعلى الفرار من علاجهم، لأنه يخشى - كما يفعل الأطباء - من أنهم إذا عالجوه بالنار والحديد فإنهم يسببون له شراً.! ألست تتصور حالتهم على ذلك النحو؟
ب - بلى.
ط - والسبب فيما يلوح جهلهم ثمن الصحة وحالة الجسم السليم. وإذا شئنا أن نحكم تبعاً للأصول التي اتفقنا الآن عليها فإنا نقول إن من يسعون لنجنب العقاب يعتزمون تماماً أن ينهجوا نفس هذا السبيل يا بولوس! ذلك أنهم ينظرون للألم ويغمضون أعينهم عما فيه نفع لهم ولا يعرفون كم يجب أن يشكو المرء من السكنى مع نفس مؤذية فاسدة ظالمة كافرة، أكثر من شكواه من السكنى مع جسم مريض معتل.!، ومن هنا تراهم يعملون كل ما يمكنهم عمله لكي لا يكفروا عن خطيئتهم ولا يتخلصوا من أفدح شرورهم، فيحصلون لأنفسهم الثروة والأصدقاء والمهارة التي تمكنهم من إقناع الناس بالكلام! ولكن إذا كانت مبادئنا صحيحة فانظر أنت ماذا ينتج عن ذلك البحث، أم تريد أن نخرج منه نحن بالنتائج؟