كأن عينيَّ قبل اليوم ما وقعت ... على جمالك هذا الرائع السابي!
كلُّ طريف تروع القلبَ جدتُهُ ... يا طولَ شغل فؤادِ الهائم الصابي
يا منبعَ الحسن والإحسانِ! كم سكرت ... من راحِ دَلِّك أحنائي وأهدابي
مازلتُ أعشق فيك الحسن في دَعَةٍ ... حتى عشقتُ جراحاتي وأوصابي!
أمَّ الميامين! قد غَنَّت ملاحمَها ... فيك البطولات في شجو وإطراب
وجَرّرت من ذيولِ المجد سابغة ... على بطاحِك في تيهٍ وإعجاب!
دمشق أنتِ التي فَجَّرتِ من كبدي ... يُنبوعَ شِعْريَ يجري. . . أَيَّ سَكاّب
كما جرى (بَرَدَاك) العذبُ منفجراً ... ما عاقه طولُ أزمانٍ وأحقاب
مازال فوقَ مشيبِ الدهر منسرباً ... يجري كطفل على الآلام وثّاب
أدرت لي من كؤوس الحسن ألعبَها ... بأنفس وخيالاتٍ وألباب
أرضٌ سماءٌ رياضٌ أنهُرٌ أُفقٌ ... حُسْنٌ أفانينُ. ما عَدّي وتحسابي!
شدَوتُ فيك لحوناً كلُّهَا عَجبٌ ... رَتَّلْتها بين أفراحي وأتعابي
ما كانَ أضيعَ ألحاني يُرَدِّدها ... بعدي صَداها كأن الريح تهزا بي
غداً. . . سأمضي ولكن أينَ مُنْصَرفي ... لا الدار داري ولا الأحباب أحبابي!
لا (نَيْرَبٌ) تَتَصَبّاني خمائِلهُ ... أو (غُوطة) تتلقاني بترحاب!
غداً سَأَلْفِتُ جيدي لا أرى أحداً ... حولي يشاطرني هَمْي وتطرابي
إلاّ خواطِرَ من وَجدٍ يعذبني ... صَبْراً، ويلهب صدري أي إلهاب
وذكرياتٍ عن الأحباب ماثلة ... من واضح خَضِلِ الألوان أو كابي
غداً. سأركبُ بنت اليم راقصة ... على مُتون دَفوع الموج عَبَاب
تَشقُّ بي مسبح الحيتان مائسة ... كأفعوان على البطحاء مُنساب
في ليلةٍ كطيوفِ الجنّ راعبة ... مجنونةِ الموج والإعصار مغضاب
خلفَ الغيومِ ظلامٌ خلفه أَمَدٌ ... من خِلِفهِ الغيبُ في صمت وإضباب
من خلِفِهِ القَدرُ الفجّاع ملتئما ... عن العيون، كميناً خلف حُجّاب
غداً. . . إذا هبَّ طامي اليم يقذفنا ... غَيظاً بموج له كالهُضْب غَلاّب!
وحارَ في أمرِهِ الملاّح وانبعثت ... حَوليَّ أصوات نُوَّاح ونُدّاب