وكي تداول الآفاق سيرته ... وينشر الحي ما أبدى فيشتهر
قد استخف بما يلقاه من تعب ... والترب يعلو جبينا منه والعفر
بيننا ترى سامرا في القوم مغتبطا ... يروي النكات لهم والكل مبتهج
يتلوا عليهم طريفاً من نوادره ... حلواً يكاد مع الأرواح يمتزج
ورب ساجية الأجفان فاتنة ... ظلت ترانيه منها أعين دعج
وتفهم الأم ما ترمي فتحدجها ... حدج الملأمة في صمت فتنزعج
آها لعهدك (يا أوبرن) أذكره ... وكيف تنفع ذكرى تنبعث الأسفا
هذي المفاتن كانت في ترادفها ... توحي إلى قلب أهليك الهوى الشغفا
على خمائلها فاضت مراتعها ... سحراً - ورفت على أدغالها طرفا
مفاتن أذوت الأيام بهجتها ... وصيرتها الليالي للبلى هدفا
(أوبرن) أين تولت من مغانيك ... هذه الملاهي وفرت من روابيك؟
لقد تمشت يد العاتي عليك فلم ... ترحم قلوب الحزانى من أهاليك
وقد علاك شحوب من تعسُّفها ... ووحشة قد تمشت في مراعيك
بأي حكم زمان صار يحكمها ... فرد - وكانت تراثاً في أواليك
كانوا جميعا (فأمسى جمعهم بدداً ... والربع أقوى) وكان الربع مأنوساً
والسهل لم يبق فيهبعد نضرته ... إلا بقية زرع كان مغروسا
والجدول العذب لم نبصر تألقه ... كما عهدنا - وفيه اليومُ معكوساً
لكن سرى وهو بالأعشاب مختنق ... يشق مجراهبين الغاب محبوسا
وفي مفارجك الخضراء حل بها ... ضيف غريب من الأدغال قد هتفا
هذا هو (الرخم) يبني وكره ويرى ... مستمكنا في ذرى الأغصان مشترفا
وفي طلولك تدوي البوم ناعبة ... تنعى بصوت كئيب ماضيا سلفا
آها لعهدك يا أوبرن أذكره ... وكيف تنفع ذكرى تبعث الأسفا
هذي خمائلك الخضراء ذاوية ... حلت مباهجها. دالت دواليها
تواثبت فوقها الأعشاب هائشة ... والمحل أصبح ضيفا راعيا فيها
واليوم أهلك في خوف وفي وجل ... من بطش منفرد الأحكام طاغيها