فهي بين الضّلوعِ لا تملأ الكفَّ ... وفيها صحيفةُ الأكوان
موعظة الغاب!
للأستاذ خليل هنداوي
رحتُ للغاب، عليِّ أتسلى ... عن حظوظ ساءت بمرأى الغاب
هائم الروح في ضواحيه، ناس ... حزني، حاسد طيور الروابي
تملأ الجو بالغناء، ونفسي ... لحنها لحن شقوة واكتئاب
والأزاهير ناشرات شذاها ... في ربيع من الهوى والشباب
قلت يا روحيَ الكئيب تعزَّىْ ... واستراح، يا فؤاد، بعد العذاب
وانف عني يا غاب بعض شقائي ... وأرِحْ عانياً من الأتعاب
قال ليْ الغاب وهو يسخر مني ... والصدى كان منه رجع جوابي:
(أنا أشكو الذي تشكَّيت منه ... من قضاء يرمي بِزرُق الحراب)
(لا سلام - كما تصورت - عندي ... كلنا في تنازع وغلاب)
(لا يغرنْك ما ترى من سكون! ... ضمَّ هذا الكون كل اضطراب)
(ذاك معنى الحياة في كل صُقع ... من لحوم النعاج قوتُ الذئاب)
(لا تغرنْك زهرة في ربوعي ... تتسامى فوَّاحة الاطياب)
(لا يغرنْك طائر راح يشدو ... في الروابي بلحنه المطراب)
(فارتقب! هل ترى يُتمّ غناه؟ ... والقضاء القاسي له في ارتقاب)
(لو تأملتَ في ربوعي لأبصر ... ت نضالا في الطير والأعشاب)
(كم زهور راحت ضحايا زهور! ... وعقاب فريسة لعقاب؟)
(فصراع الحياة فوق التراب ... وصراع الحياة تحت التراب)
قلت يا غاب! ما رأيتك تشكو ... أنت راض عن القضاء المرابي
قال هل تنفع الشكاة فأشكو ... قَدر لا يرى طريق الصواب!
فتعلم مثلي السكوت فأني ... قاهر بالسكوت كل مصاب
أعطه ما يريد، فهو عنيد ... لا يُداري، وفز ببعض الرغاب