موقوف بما عليه إفراز غدده الصماء كما وكيفاً، وبما تطبقه مجموعته الاشتراكية بالفعل وبالقوة. فإذا كانت المقاييس الحديثة لنشاط هاتين المجموعتين قد أدت إلى تقرير مبادئ جديدة في حساب الأعمار يستند إليها علم حديث يدعونه بيوتبيولوجي يرمي إلى تمييز الشخصية الحيوية للأفراد لتوجيههم في معترك الحياة، بأن يدلهم على ما يصلحون له وما يطيقونه؛ وإذا كنا نرى هذا البحث الجديد قد جعل من بعض الشيوخ شبابا ومن بعض الشباب شيوخا، أفلا يرى معي أستاذي أن لا بأس على الشيوخ إذا كان نشاطهم شابا، وأن يخفف الشباب من غلوائه إذا كان نشاطه متقاعدا هرما؟
فإذا لم يرضك مني حديث المنطق بعد حديث العاطفة، وهممت أن تجري قلمك الأحمر على هذا اللغو تحذفه من كلمتي كما تعودت أن تفعل معي قديما في (كراسة الإنشاء) فإني أهيب بك أن تسمح لي بالاستئناف أمام أستاذي أحمد أمين، فلعله يكون أقل صرامة في الحكم، وقد سمعته يشير إلى تلك الظاهرة النفسية التي تدفع بالكاتب إلى الحرص على آثار قلمه والاعتزاز بها الغث منها والسمين، كما تحرص الأم وتحب فلذات كبدها، الدميم منهم والجميل
وبعد فهأنذا أفي بوعد قديم فأكتب (للرسالة) صفحات أردت أن أشير فيها إلى بعض تيارات الفكر العلمي الحديث في الغرب، التي تعنيها تلك المظاهر الدولية تعلن لحاملي لوائها تقدير الأوساط العلمية، فتجيزهم جوائز فخرية مثل جائزة نوبل أو الدكتوراه الفخرية تمنحها لهم الجامعات
وقد كان منح الدكتوراه الفخرية هذا العام في الجامعات الفرنسية حادثاً جللا بالنسبة لمصر، فقد رأينا لأول مرة أديباً مصرياً ينال هذا الشرف هو الدكتور طه حسين بك. ولست أشك أن غيري كتب في الجرائد المصرية يبين خطر هذه المنحة. وحسبي أن أشير إلى أن الجامعات الفرنسية ضنينة بإجازاتها فلا تمنحها لغير العلماء الذين ثبت فضلهم على العلم؛ فلم نر إينشتين يمنح الدكتوراه الفخرية من باريس إلا سنة ١٩٢٩ بعد أن نال جائزة نوبل مرتين. وها نحن أولاء نرى بين العلماء الذين فازوا بهذا الشرف هذا العام اثنين من العلماء هما (تزنت جيورجي) و (كارر) قد سبق أن فازا بجائزة نوبل الأول للطب والثاني للكيمياء لقيامهما - منفردين - بأبحاث خطيرة في مسألة الفيتامين كما سأبين بعد