للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العربي منذ أكثر من عام لجنة التأليف والترجمة والنشر وتشاوروا في ذلك كما تشاوروا في غيره من ألوان التعاون الثقافي، ورسموا لذلك خطة وشرعوا له نظاماً. ثم أخذت وزارة المعارف تفكر فيه وتستعد للدعوة إلى مؤتمر عربي شرقي. والذي أرجوه أن يكون انعقاد هذا المؤتمر دورياً وأن يكون هذا المؤتمر متنقلاً في الأقطار العربية على نحو ما يسير عليه المؤتمر الطبي الذي أنشئ منذ حين.

وقد شهدت في العام الماضي - ممثلاً لوزارة المعارف - مؤتمر اللجان الوطنية للتعاون الفكري، فتحدثت فيه إلى المؤتمرين بأن مصر تستطيع أن تكون مركزاً من أهم المراكز لهذا التعاون الفكري إذا نهضت بتبعاتها الثقافية نحو الأقطار العربية. ذلك لأنها بحكم مركزها الجغرافي وبحكم نهضتها الحديثة أصدق صورة لما تطمح إليه عصبة الأمم من هذا التعاون الفكري الخالص الذي يقارب بين الأمم ويلغي ما بينها من الفروق ويرتفع بحياتها العقلية عن ألوان الخصومة وضروب النزاع. فالجامعة المصرية مثلا بيئة تلتقي فيها الثقافات الإنسانية كلها تقريباً، يحملها إليها أساتذة ممتازون من المصريين ومن الأوربيين على اختلاف أوطانهم ومذاهبهم في السياسة والدين والاقتصاد. وهذه الثقافات كلها تلتقي وتمتزج وتصهر في العقل المصري الذي يسيغها ويتمثلها ويطبعها بعد ذلك شيئاً ما بطابعه المصري الخاص. وهو قادر بعد هذا على أن يذيعها في بلاد الشرق شرقية غربية عربية أوربية بريئة مما يفسد الثقافة عادة من التعصب والهوى.

وقد وقع هذا الحديث من المؤتمرين موقعاً حسناً. فهل يقع هذا الحديث من المصريين أنفسهم موقعاً حسناً، وهل يشعر المصريون بأن فرصة ذهبية كما يقال تتاح لهم الآن؟، فلكل شر أثر حسن، والشر أن حاجتنا إلى الأوربيين لا تزال شديدة في التعليم، والأثر الحسن لهذا الشر أننا نستطيع أن نكون رسل العلم والثقافة والأمن والسلم والتوفيق بين الشرق والغرب جميعاً.

فإذا أرادت مصر أن تنتهز هذه الفرصة فذلك يسير عليها لا يحتاج إلا إلى أن تعنى بتقوية الصلة بينها وبين لجنة التعاون الفكري في جنيف ومعهد التعاون الفكري في باريس من جهة، وبينها وبين البيئات والمعاهد العلمية في الشرق العربي، بل في الشرق الإسلامي من جهة أخرى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>