وكانت سيطرة فراجت على البحر وثيقة، فكان بذلك موقفه عاملاً من أكبر عوامل النصر
وراح جرانت يبذل كل ما في وسعه ليحيط بالقائد الكبير (لي) قائد الجنوبيين، فإنه يدرك أن تطويقه خير وسيلة لهزيمته وإجباره على التسليم؛ وكان جرانت يدرك أن عدته وجنده أوفر مما هو لدى عدوه منها، ولذلك عول أن يشد عليه الوثاق
وكان لنكولن وأصحابه يتلقون هاتيك الأنباء الطيبة فتطمئن نفوسهم، ولكن الرئيس كان لا يفتأ مهموماً ضائق الصدر؛ وكيف يطبق قلبه الكبير أن يعلم نبأ هاتيك الضحايا دون أن يتحرك؟ لقد كان يجزع أشد الجزع لمرأى الأمهات والزوجات يقفن في طريقه أو يجتمعن حول البيت الأبيض متسائلات وإنه ليسأل الله أن يجعل للناس من هذا البلاء مخرجاً. . .
وبينما كان جرانت وشيرمان يروعان بجيشيهما أهل الجنوب على هذه الصورة، زحف أحد قواد الجنوب ويدعى إيرلي زحفاً باغت به وشنجطون إذ صار منها على سبعة أميال. . . ولقد كان عمله هذا من أسوأ ما لاقته تلك المدينة في هذه الحرب، فما أقبح الخوف بعد الأمن وما أوجع الكربة بعد الفرح. ولكن جرانت لم يلبث أن أرسل شريدان فأقصى هذا العدو ورماه بالهزيمة وكان ذلك في أوائل سبتمبر عقب سقوط أتلنتا بيوم واحد. . .
وكان انتصار الجيوش على هذا النحو مما قضى على كيد الكائدين من خصوم الرئيس إذ كانت البلاد تتأهب للانتخاب؛ وكان الديمقراطيون يذيعون في الناس إن من مصالحهم أن يختاروا رئيساً غير هذا الرئيس، وراحوا تارة يقولون إن الحكومة من الوجهة الحربية قد منيت بالفشل منذ قامت الحرب ولا محيص من أن تتبع في الحرب سياسة أقوى وأسرع من سياستها، وتارة أخذوا يطالبون بمصالحة أهل الجنوب ووضع حد لهذا البلاء، وهم في ذلك يرشحون ما كليلان للرياسة ضد إبراهام، ولقد اختاره لذلك مؤتمرهم الذي انعقد في شيكاغو في أغسطس من ذلك العام
وكان بعض الجمهوريين من حزب لنكولن يدعون إلى انتخاب غيره إذ كانوا ينقمون عليه كما يزعمون ابتعاده عن مبادئ الحزب وروحه، فهم يخالفونه فيما أعلن غداة تحرير العبيد من أن ذلك كان من أجل ضرورة حربية وهم يعيبون عليه مسلكه تجاه الولايات الوسطى وتجاه أهل الجنوب، كما أنهم يقولون إن الحرب لا تسير على خير ما يرجى
وكان هؤلاء الجمهوريون يرشحون جرانت تارة، وفريمونت تارة، ولكن معظمهم كان يميل