والواقع أن الوطنية الاشتراكية الألمانية لا تقف في صوغ نظرية تفوق الجنس وفهمها عند هذا الحد، بل تذهب في ذلك إلى أبعد مدى. فهي تنادي بتفوق الجنس الآري على جميع الأجناس الأخرى لا على الجنس اليهودي وحده، وترى أن الأجناس غير الآرية كلها أجناس منحطة، وتعتبر شعوب البحر الأبيض الجنوبية والشعوب السامية والشرقية بوجه عام كلها من الشعوب المنحطة التي يجب أن يستعبدها الجنس الآري، ويجب أن يحرص على نقائه من الامتزاج بها. وهذه نظرية تستحق منا نحن المصريين والشرقيين عامة تأملاً خاصاً. ولسنا في حاجة لأن نقول إنها لا تقوم على سند من العلم أو البحث أو التفكير السليم، لأنها ليست إلا مظهراً جديداً لما تجيش به الشعوب الغربية نحو الشرق من أثرة وتحامل وليست إلا عنواناً جديداً لتلك النزعة الاستعمارية الغربية التي ترى في الشرق أبداً فريسة يجب التسابق لاقتسام أشلائها. على أن إغراق الوطنية الاشتراكية في نزعتها الجنسية وما أثارته باسمها من ضرام الخصومة السامية، وما لجأت إليه في تنفيذ سياستها من العنف والبطش. انتهت إلى نتائج لم تكن تتوقعها، فقد اتخذت كما قدمنا مادة لحملات شديدة على ألمانيا في معظم دول العالم، وكان لذلك أثره في هيبة ألمانيا وسمعتها ومصالحها الخارجية، وكان أكبر عامل في تحول الرأي العام في إنكلترا وأمريكا عن مناصرة ألمانيا في ميدان السياسة الدولية.
هذا ما فعلته الوطنية الاشتراكية الألمانية لتنفيذ برنامجها الداخلي وسنرى في الفصل القادم كيف سارت في تنفيذ برنامجها الخارجي.