ولما عاد الشافعي إلى بغداد في سنة ١٩٥هـ - ٨١٠ - ٨١١م ليقيم فيها سنتين اشتغل بالتدريس، والتأليف وروى البغدادي في كتاب (تاريخ بغداد):
(عن أبي الفضل الزجاج يقول: لما قدم الشافعي إلى بغداد وكان في الجامع إما نيف وأربعون حلقة، أو خمسون حلقة فلما دخل بغداد مازال يقعد في حلقة حلقة ويقول لهم: قال الله وقال الرسول وهم يقولون قال أصحابنا حتى ما بقي في المسجد غيره) ص٦٨، ٦٩
واختلف إلى دروس الشافعي جماعة من كبار أهل الرأي كأحمد بن حنبل وأبي ثور فانتقلوا عن مذهب أهل الري إلى مذهبه، ويروى عن أحمد ابن حنبل: أنه قال (ما أحد من أصحاب الحديث حمل محبرة إلا وللشافعي عليه منة) فقلنا: يا أبا محمد كيف ذلك؟ (قال إن أصحاب الرأي كانوا يهزؤون بأصحاب الحديث حتى علمهم الشافعي وأقام الحجة عليهم) الانتقاء ص٧٦
ووضع الشافعي في بغداد كتاب:(الحجة)(روى ابن حجر عن البويطي: أن الشافعي قال: اجتمع علي أصحاب الحديث فسألوني أن أضع على كتاب أبي حنيفة فقلت: لا أعرف قولهم حتى أنظر في كتبهم، فكتبت إلى كتب محمد بن الحسن فنظرت فيها سنة حتى حفظتها ثم وضعت الكتاب البغدادي يعني (الحجة) ص٧٦
ويظهر من ذلك: أن مذهب الشافعي القديم الذي وضعه في بغداد كان في جل أمره رداً على مذهب أهل الرأي وكان قريباً إلى مذهب أهل الحديث.
وروى البغدادي عن حرملة: أنه سمع الشافعي يقول: (سميت ببغداد ناصر الحديث) ج٢ ص٦٨
ونقل ابن حجر عن البيهقي: أن كتاب الحجة الذي صنفه الشافعي ببغداد حمله عنه الزعفراني، وله كتب أخرى حملها غير الزعفراني منها: كتاب السير، رواية أبي عبد الرحمن أحمد بن يحيى الشافعي) وفي كتاب كشف الظنون:
((الحجة) الإمام الشافعي، وهو مجلد ضخم ألفه بالعراق إذا أطلق القديم من مذهبه يراد به: هذا التصنيف، قاله الأسنوي في المبهمات ويطلق على ما أفتى به هناك أيضاً)
ثم انتهى الشافعي إلى مصر فآزره تلاميذ مالك حتى إذا وضع مذهبه الجديد وأخذ يؤلف الكتب رداً على مالك تنكروا له وأصابته منهم محن