للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ابتلاع لمبادئ الفلسفة الاجتماعية التي سرت إلى سريرة جوركي وسرائر أساتذته وأصدقائه. ولكن الشيوعيين اعتقدوا أنهم في حاجة إلى كاتب فحل واسم ضخم وثائر عنيف، يقف كالطود وينصب كالعلم ليلتف حوله أولاده وتلاميذه، فلم يبخل جوركي على وطنه بهذه النعمة، وقد روى لي (شليابين هو المتكلم): أن ستالين قال له يوماً في موسكو:

- ما عليك يا ابن مكسيموفتش العزيز!

أليس هذا النظام الذي يحارب الفقر والجهل والمرض وينتزع الشعب المقهور من براثن الفاقة، ويعد مستقبلاً سعيداً لملايين المساكين الذين طال تعذيبهم، وكتبك كلها ناطقة بالحنان عليهم

أترانا نبالغ أحياناً ونطلب المزيد؟ فأعرض عنا قليلاً قليلاً، ولكن لا تتخل عنا. نحن أقرب الناس إليك في سوق هذه الحياة الدنيا (كذا)، ولا أهل لك غيرنا لو تأملت. أما أنا فستجدني أطوع لك من لينين، أي من بنانك. فأنا أعلم أنه كان يحبك حباً جماً، ولا يخيب لك رجاء، وحسنا فعل. . .

فقلت له: ولكنني في حاجة إلى الراحة. فقد بقيت أكتب وأكتب منذ ثلاثين عاماً وأكثر. أما آن لي أن أستريح؟

قال لي: لكن قلمك اخترق قلوب الشعب، فلا يحلو لهم غير الذي تصوغ من درر الفن الرفيع. إن تعلق الشعب بك بعد أن مات تولستوي وتشيكوف، وبعد أَن فرأندرييف أشد من تعلقك بشليابين لحبك موسيقاه وتفانيك في أنغامه

وسألت جوركي في هذا فقال لي: أنا أحبك لذاتك. أنت شيطان الموسيقى الأكبر، ولكن الموسيقى التي تجذبني هي التي سمعتها على ضفاف نهر الفولجا أو في سفائن تمخر أمواهه

محمد لطفي جمعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>