لبابه يتفتت إذا خطر لك أن تقبض عليه فَمَثله مَثل الفتاة المصدورة تحمِّل وجهها ما لا يطيق من ألوان الطلاء المعروضة في جميع الحوانيت
وحسبي أن أقتطف بعض الأبيات، فليس بقارئ (الرسالة) حاجة إلى التلقين:
وأبعث في الصحراء أنّات شيّق ... وهل تسمع الصحراء أنّات شيّق
وأعجبني رأي سليم ومنطق ... يصول على رأي سليم ومنطق
تتقاسَمَه غرب وشرق فألّفت ... مناقبه ما بين غرب ومشرق
ينسَّق علم الأولين مجاهداً ... ولا خير في علمٍ إذا لم ينسًّق
تلك أمثلة على ما يسمونه (رد العجز على الصدر)، ولكن أين الفائدة من هذا الترديد؟. ثم:
ويمضي الحجا ما بين يومٍ وليلةٍ ... كلمحة طرف أو كومضة مبرق
ذلك مثل على استعمال التراكيب المطروقة أي المبتذلات (لمحة طرف) و (ومضة مبرق). ثم:
يضيق فناء الأرض عن همة الفتى ... ويجمع في لحد من الأرض ضيّق
انظر إلى (الطباق): (فضاء وضيق). ثم:
كأني أراك اليوم تخطب صائلاً ... وتهدر تهدار البعير المشقشق
الشيخ الإسكندري - رحمه الله - كان (يهدر تهدار البعير المشقشق). انظر كيف استدرجت القافيةُ الشاعر إلى صورة أقل ما يقال فيها أنها مستكرهة. ثم:
فقل للذي يسمو لذيل غباره ... ظلمت العتاق الشيظميات فارفق!
نعود إلى الإبل كأن الشاعر يكره أن يسلم بأنه يعيش في القرن العشرين. أما لفظة (الشيظميات) فاطلبها في المطوّلات من المعجمات و (الغريب) في ذلك الشعر مستحسن. ثم:
فقلت أرى ليثاً وليثاً تجمعا ... وأشدق ملء العين يمشي لأشدق
وهو بيت بعض ألفاظه مأخوذة من بيت مشهور لبشر بن عوانة وهذا مستحسن أيضاً
لأمهل هنا، فإنما أرغب في أن أدلك على تداعي هذا الصنف من القريض، لأنه مختلق اختلاقاً بكدّ الذهن وقوة الذاكرة واختيار اللفظ المدوّي (والغريب أحياناً) واستعمال المحسنات اللفظية والمعنوية إلى كل ما يتصل ولأساليب المصطلح عليها للصناعة