للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الهومرية في أكثر ما ألف إن لم يكن في كل ما ألف. . . فهل كانت جميع مآسي اسخيلوس عن أبطال الإلياذة والأوديسة فقط؟!

وقد ألف سوفوكليس أربعاً وعشرين ومائة مأساة. . . وكانت ثلاثياته تحوم حول أبطال هوميروس كما كان يفعل إسخيلوس، فهل كانت أبطاله في هذه الأربع والعشرين والمائة المأساة كلها من الإلياذة والأوديسة؟

يقول المؤخرون حين يعرضون لهذا إن كلا من إسخيلوس وسوفوكليس كان يعد كل ما وصل إليه من ملاحم العصر القديم هومريا، ولو لم يكن من نظم هوميروس. . . ومن هذا التراث العظيم استمدا موضوعات مآسيهما. . . بل يقولون إنهما كان يدعوان ذاك العصر كله العصر الهوميري. . . على أنه ليس في هذا الكلام دليل على أن هوميروس لم ينظم غير الإلياذة والأوديسة، وإلا يقل إسخيلوس إن مآسيه فتات من موائده الحافلة، لأن إسخيلوس كان يعني ما يقول أكثر مما يحاول مؤرخو زماننا هذا أن يفهموا من عبارته وجهها الصحيح، وهو ولا شك كان يعني هوميروس نفسه، ولم يعن عصره كله وبعض العصر الذي سبقه وبعض العصر الذي جاء بعده أو ما يسميه المؤرخون العصر الهوميري، أو ما يزعمون أن إجزنوفان (القرن السادس) كان يدعوه كذاك

هذا وقد اعترف تيوسيديدز لهوميروس بالإلياذة وبالأوديسة وبترتيلة أبوللو؛ أما أفلاطون فلم يستشهد بأكثر من نتف من الإلياذة والأوديسة وملحمة فكاهية تدعى (مارجيتس) ضاعت فيما ضاع من تراث الإغريق. . . أما أرسطرخوس الإسكندري العظيم (١٦٠ ق. م) فلم يعترف له بأكثر من الإلياذة والأوديسة

وعلى ذكر أفلاطون وأرسطو نروي أن كلا منهما كان يقني نسخة من الإلياذة مختلفة في كثير من فصولها عن النسخة الأخرى، ولم يستطع المؤرخون تعليل ذلك بعد، الهم إلا ما يعزى إلى بِزِسْتراتوس - منظم أشعار هوميروس فيما يقال - من أنه تناول الإلياذة بشيء من التحوير، وأقحم عليها زيادات في تمجيد الأثينيين. . . وهو ما يشك في صحته الأساتذة لانج وموراي وبوروا والعلامة كارل موللر

على أنه ليس بزستراتوس وحده الذي اتهم (بتحشية) الإلياذة والتزوير على هوميروس، بل إن صولون نفسه قد أتهم بمثل ذلك. . . بل اتهمت به كل مدينة يونانية. . . وما حدث

<<  <  ج:
ص:  >  >>