له مدرسة واسعة تضم أغلب الشرق مطبوعة بطابعه، ملونة بلونه، لا تحب إلا إياه ولا تستسيغ إنتاجاً إلا إنتاجه وكفاه فخراً أنه (متبوع) أبداً فلا يكاد يخرج شيئاً جديداً حتى ترى بعض الملحنين الذين يتعقبونه ويترسمون خطاه قد حاكوه وقلدوه. فالموسيقى العربية لم تكن تعرف أو لم تكن تعترف بالرومبا، والتانجو، والكاريوكا. فلم يكد يمصرها يخضعها للذوق الشرقي حتى تهافت عليها غيره كالذباب عدداً وهم يحسبون أنهم ملحنون مجددون كعبد الوهاب
تدين له الموسيقى بالشيء الكثير؛ فهو وإن كان لم يخلق كبتهوفن، ومونسارت، وفجنر، وهندل، ودي لاسو (مثلاً) إلا أنه جدد، وجمع من هنا وهناك بذوق سام حتى خلع على الموسيقى إهاباً قشيباً متيناً! أصبح الآن (مقلاً) لدوجة تبعث على النقد؛ وهو يحتج بتفرغه للسينما ولكننا لا نعفيه من اللوم، فالمال لا يدوم، وإن دام فالسمعة وحب الشعب والمجد والشهرة، كل هذه الأشياء لا يغذيها إلا العمل، والعمل المتواصل الذي يمدها بالحياة.
سن للمطربين سنة (الطراوة والاسترخاء، والدموع) فقلما يغني شيئاً حماسياً أو وصفيا، بل أغلب أغانيه غزلية فحسب فإذا سألته السبب قال: إن الشعب لا يحب ولا يشجع إلا هذا اللون، وما درى أنه وحده الذي يقع عليه أغلب هذا الوزر. المعروف أن المغني الحق هو الذي يقع لا يعرف إلا فنه، وفنه فقط ولكن عبد الوهاب أراد أن يخالف هذه النظرية فعرف الفن وغير الفن، وتأثر بميول ضد ميول وقد عرف عنه ذلك ومع ذلك كل فهو يصر على لونه. . .
إن الفن موطنه السماء؛ ومن في السماء فوق الجميع وللجميع. فمن ترك فنه وسماءه ليعيش فوق الأرض جرفه التيار الذي لا يرحم