للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومهمة الأستاذ في كلية العلوم تختلف عنها في الكليات الأخرى؛ فقد يقتصر الأستاذ في كلية الآداب مثلاً على إلقاء المحاضرات وتلقين الطلاب مختلف أساليب البحث، ولكن أستاذ كلية العلوم مطالب بأن يجعل من أبنائه علماء باحثين يكشفون أسرار الطبيعة ويظهرون للناس خواص المادة، يهتمون بالمجهول أكثر مما يهتمون بالمعلوم. فعملهم هو إزاحة الستار عما غمض فهمه، ولذلك قلما يهتم المدرس أو الأستاذ بما حصله تلاميذه من قوانين معروفة أو نظريات ثبت وجودها، فإن هذين الشيئين يعتبران الأدوات التحضيرية للعمل في كلية العلوم.

ومقياس النجاح عند الأستاذ أن يرى طلبته يصلون إلى نتائج سريعة، ولذلك يهتم بأن يدل كلا منهم على أفضل المراجع التي يلم فيها الطالب بموضوعه. وإذا قلنا المراجع فليس معنى هذا أن الأستاذ مستعد لأن يرشد تلميذه في أي موضوع بل إنه مستعد لأن يقدم له المعونة والإِرشاد في الناحية التي تخصص في دراستها. فقد اتسع مجال العلم حتى قسم إلى أقسام تجزأت إلى فروع والفروع إلى موضوعات. ولذلك يحتاج الباحث كثيراً أن يترك بلاده ومن فيها من أساتذة ليذهب إلى جهة معينة حيث يجد أستاذاً اختص في نفس البحث الذي يقوم بتحقيقه. وهناك جامعات بكافة فروعها اشتهرت بالبحث في موضوع واحد كما هي الحال في إحدى جامعات إنجلترا العظيمة التي أصبحت قاعدة لدراسة مادة الراديوم وخواصه.

استقرار

وليس اتجاه جامعة من الجامعات إلى دراسة معينة من الأمور الهينة فهو يحتاج إلى استقرار الحياة في تلك الجامعة مدة طويلة كما يحتاج إلى أساتذة ثابتين يضمنون مراكزهم إلى أن تأتي نهايتهم. فطبيعة البحث والاستقراء العلمي بطيئة يُحسد فيها العلماء على طول صبرهم. فهناك علماء قضوا طول حياتهم جادين وراء مبحث واحد. ولعلك تذكر ما ذكرناه في عدد ماض من أن أحد أطبائنا صرف عشرين عاماً ليكشف أسباب مرض تضخم الطحال.

ويحتاج البحث العلمي إلى أجهزة خاصة بعضها دقيق وبعضها كثير التكاليف مما تعجز

<<  <  ج:
ص:  >  >>