فإِذا ما أمنت لا تتركيه ... قبلما يفتح الصباح جفونه
وإذا الساعة الرهيبة حانت ... ورأيتِ حراسه يحملونه
وسمعت الناقوس يقرع حزناً ... فيرد الوادي عليه أنينه
زودي الراحل الذي مات وجداً ... بالذي زود الغريب السفينة
نظرة تعلم السموات منها ... أنه مات عن فتاة أمينة
طوت الأرض من طوى الأرض حياً ... وعلاه من كان بالأمس دونه
واختفى في التراب وجه صبيح ... وفؤاد حر ونفس مصونة
وإذا ما وقفت عند السواقي ... وذكرت وقوفه وسكونه
حيث أقسمت أن تدومي على العه ... د وآلى بأنه لن يخونه
حيث علمتِه القريض فأمسى ... يتغنى كي تسمعي تلحينه
فاذكريه مع البروق السواري ... واندبيه مع الغيوث الهتونة
وإذا ما مشيت في الروض يوماً ... ووطأتِ سهوله وحزونه
وذكرت مواقف المجد فيه ... عندما كنت بالهوى تغرينه
حيث علمته الفتون فأضحى ... يحسب الأرض كلها مفتونة
حيث وسدته يمينكِ حتى ... كاد ينسي شماله ويمينه
حيث كنتِ وكان يسقيك طوراً ... من هواه وتارة تسقينه
حيث حاك الربيع للروض ثوباً ... كان أحلى لديه لو ترتدينه
فالثمي كل زهرة فيه إني ... كنت أهوى أزهاره وغصونه
ثم قولي للطير مات حبيبي ... فلماذا يا طير لا تبكينه
وإذا ما جلست وحدك في اللي ... ل وهاجت بك الشجون الدفينة
ورأيت الغيوم تركض نحو الغ ... رب ركضاً كأنها مجنونة
ولحظت من الكواكب صداً ... ونفاراً، وفي النسيم خشونة
فغضبتِ على الليالي البواقي ... وحننت إلى الليالي الثمينة
فاهجري المخدع الجميل وزوري ... ذلك القبر ثم حيّي قطينه
وانثري الورد حوله وعليه ... واغرسي عند قلبه ياسمينة