البلاء عنهم، فوافق أخيل كما وافق كل رؤساء الجيش، لكن أجاممنون أبى أن يرد الفتاة إلا إذا قبل أخيل أن ينزل له عن بريسيز التي ملكت عليه فؤاده وامتزج حبها بدمه. . . ولما رأى أخيل ما يحل باليونانيين من بلاء قبل مكرهاً أن يهب أجاممنون معبودته، لكنه اشترط ألا يخوض المعركة مع بني جلدته بعد ذاك
هذا مشهد يثير السخط على أجاممنون، كما أثاره تسليم رأس ابنته للجلاد قرباناً للآلهة حتى تثير الرياح كي يقلع الأسطول. . . وبمثل هذه المشاهد التي سنضع بين يدي القارئ صوراً رائعة منها وضع هوميروس أساس المأساة اليونانية ومهد السبيل لمن جاء بعده من الشعراء فخلقوا الدرامة وخلقوا المسرح وتركوا للذهن البشري ثروة ما يزال يستغلها وما يزال يروي ظمأه منها
وقد ورد ذكر أجاممنون في الأوديسة كما أسلفنا وذلك عندما لقي أودسيوس الكاهن تيريزياس في العالم الثاني واخذ يقص عليه ما آل إليه أمر أبطال الإلياذة بعد أوبتهم إلى أوطانهم، وقد ذكر له من أمر أجاممنون ما دبرته له زوجه
وللبطل ديوميد منزلة رفيعة في الإلياذة، ويكاد بشجاعته النادرة يتفرد بالإعجاب بعد إذ هجر المعركة أخيل. ففي الكتاب الخامس الذي قصره هوميروس على هذا البطل لا تقتصر شجاعته على التفوق على الآدميين الذين خاضوا الحلبة بل تتعداها إلى الآلهة، وحسبه فخراً أنه جرح فينوس ربة الجمال التي كانت تتفانى في مساعدة جيوش طروادة، ثم مارس إله الحرب الجبار، المدله بهوى فينوس. . . وكلما حاق بأحد اليونانيين كرب في المعمعة كان ديوميد أسرع الفرسان إلى نجدته بل إنقاذه. . . وقد ذهب في الكتاب العاشر في صحبة أودسيوس إلى معسكر الطرواديين في حلك الليل حيث اغتالا ريسوس بعد أن اجتازا ساحة تعج بالمنايا وتضطرب بألوان المهلكات
أما أودسيوس فله شخصية فذة. . . أنه بطل مخاطر لا يبالي الردى ولا يرهب المنايا، إلا أنه يمتاز بناحية أخرى أظرف وألطف. . . ناحية تثير المرح وتبعث على الضحك، ضحك الجد الصارم لا ضحك المشعبذين، ورجال المساخر. . . أنه كان من عشاق هيلين قبل أن تنشب مدة الحرب، فلما فاز منالوس بهيلين، حزن وتولاه الكمد، لكنه تزوج من إحدى قريباتها (بنلوب التي لم تكن تقل عنها جمالاً ونضرة وطلاوة، والتي استطاعت أن