للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وفي المرة الثانية جاءت في ثوبها الأبيض ومعطفها الأزرق الجديد، فتلقوها بشيء كثير من العنف وقدموا لها ملابس بالية ولكنها لم تظهر في صورتها الحقيقية الأولى، وأمرت في قسوة وحدة أن تحضر دائماً مرتدية تلك الأسمال البالية التي جاءت بها الأستوديو لأول مرة، ولكنها لم تدرك قط ما يريده أولئك الناس وقد أصبحت الآن تخجل من لباسها القديم، ولماذا يسمح لغيرها من النساء أن يظهرن في أثواب جميلة، ويأبون عليها ألا أن تظل في مظهرها التعس؟

ومر شهر نوفمبر ولم تدع للعمل إلا قليلاً؛ وكانت تصور في يوم من أيام ديسمبر بين جمع من الناس في رواية (الأشقياء) ولم تدرك أن هر فيلب المخرج كان يشير إليها حين كان يصيح بعماله لماذا تركتم هذه المرأة من غير تزيين وجهها؟ ما هذا الإهمال؟ ومد أحدهم يده وجرها من ذراعها إلى غرف التزيين وقام العامل بطلاء وجهها وتصوير التجاعيد عليه، تجاعيد الفقر والجوع التي فقدتها من شهور مضت.

جاء فيليب إلى غرفة ثوربج فوجد امرأة تبكي بكاء مرا ًوسأل ما الخبر، فأجابه ثوربج

- هذه دريجالسكي جاءت تشكو لأننا لم نستدعها من عهد بعيد، فأجابت وهي تنتحب

- كنت أقول. إنه ليس من العدل ألا أدعى إلى العمل وقد أصبح في وسعي الآن أن أحضر في ثياب لائقة، ويخيل إلي أنكم ترونها جريمة من عاملة مثلي أن تأكل وتتغذى، إني أستطيع بتلك الدهانات التي يصبغ بها الوجه أن أسدي لكم ما تريدون. ولا أحسبكم تريدون مني أن أظل جائعة في أسمالي البالية، فكل ما في الأفلام غير حقيقي، وقد رفضتم عودتي إلى العمل لا لسبب إلا لأن غذائي قد تحسن. فأجابها فيليب وحدة وغضب:

- لا، يا سيدتي فأنت مخطئة، إننا نريد في الأفلام شيئاً أكثر من التمثيل نريد حياة، الحياة الحقيقية. وإذا كنت تريدين لنفسك عيشة راضية فلا شأن لنا بك.

قال ذلك وسكت وترك الغرفة، ثم قال ثوربج وهو يفكر:

- نعم، إنه على حق يا دريجالسكي، إن الفن شاق وقاس، عودي إلى حياتك الأولى، أنهكي قواك في العمل، لا تفري من الشقاء، أقضي الليالي ساهرة، وأعيدي إليك ولدك، وعندئذ ندعوك ثانية، هل فهمت الآن؟

لا، لم تفهم درجالسكي قط، وخرجت من الغرفة وكأنما انحنى ظهرها قليلاً مرة أخرى،

<<  <  ج:
ص:  >  >>