للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فلم يكن كمثلها ... هدية من موسر

ولم يكن كمثلها ... من بائع لمشتر

وليس من تقدم ... فيها ولا تأخر

تمشي عليها الشمس في ... عطارد والمشتري

وهذه الأبيات يصدق عليها قول القائل في الشعر - أعذبه أكذبه - إلا أن البيت الأخير تجاوز الحدود المعقولة كلها لعذوبة الشعر جميعها. فنحن إذا صدقنا أن هذه الساعة أحجارها من لؤلؤ وجوهر وأنه لم يكن كمثلها هدية من موسر. . الخ الخ، فإننا لا نصدق بحال من الأحوال أن الشمس تجري عليها في عطارد والمشتري. فإن الشمس إذا انحرفت عن أبراجها ومشت على أحد الكوكبين عطارد أو المشتري لكان هول في السماء والأرض والسموات غير السموات. وحينئذ لا تغني ساعة الهراوي عن العالم شيئاً، وحينئذ يعلم الأستاذ الهراوي كم كنت أنا مبتلي بهذه الساعة

لو أن صديقي الشاعر الكبير نظر نظرة في النجوم لتبين له أن (عطارداً) و (المشتري) كوكبان من الكواكب السبعة، لا برجان من أبراج الشمس.

. . . قد تناول أبو إسحاق الصابي الكواكب السبعة في الأبيات الآتية. قال مادحاً:

نَلِ المنى في يومكَ الأجورِ ... مستنجعاً بالطالع الأسعد

وارق كمرقى (زحلٍ) صاعدا ... إلى المعالي أشرف المقصد

وفض كفيض (المشتري) بالندى ... إذا اعتلى في أفقه الأبعد

وزد على (المِريخ) سطواً بمن ... عاداك من ذي نخوة أصيد

واطلعُ كما تطلعً (شمس) الضحى ... كآسفة للحِنْدِس الأسود

وخذ من (الزُهرة) أفعالها ... في عيشك المستقبل الأرغد

وضاهِ بالأقلام في جريها ... (عُطارِدَ) الكاتب ذا السُّودد

وباه بالمنظر (بدرَ) الدجى ... وأفضُله في بهجته وازدد

هذا والله سبحانه وتعالى هو المرجو - بعد اليوم وقبل اليوم - في إراحتنا من هذه الساعة، ومن متاعبها، وهو أرحم بعباده وألطف من أن يجعل الشمس تجري في عطارد والمشتري من أجلها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>