تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام:(فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي) يجوز أن يكون وضع اسم الإشارة للمذكر فيه وهو هذا موضع المؤنث لأن لغة إبراهيم كانت لا تفرق في اسم الإشارة بين المذكر والمؤنث، فجرى القرآن في ذلك عليها، وأشار إلى الشمس وهي مؤنثة باسم الإشارة الموضوع في لغة العرب للمذكر
وقد نبهت طلابي في الدرس إلى خطر هذا الرأي وأحببت أن أبين هذا لقراء مجلة الرسالة الغراء
فالأمر في هذا يرجع إلى الأسلوب، ولم يختلف أحد في أن أسلوب القرآن يجب أن يكون عربياً، فلا يصح أن يتقدم فيه مثلاً المضاف إليه على المضاف، ولا غير هذا من أساليب اللغات الأخرى، وإن كان كلامه مترجماً عنها، لأنه يسلك في ترجمته أسلوب الترجمة المعنوية، ولا يتقيد فيها بشيء من أسلوب ما يترجم عنه
وهذا الذي أمنعه مما يرجع إلى الأسلوب غير ما اختلف فيه العلماء من وقوع المعرب في القرآن الكريم، لأن ما يرجع إلى الأسلوب يرجع إلى نحو العربية، فتكون مخالفته خطأ. أما وقوع المعرب في القرآن فيرجع إلى إيثار لفظة أعجمية على لفظة عربية، وهذا لا يمكن أن يتوجه إليه الخطأ، ومع هذا اختلف علماؤنا فيه ورأى بعضهم أنه يقدح في عربية القرآن الكريم
وقد ذكر الشيخ الخضري مع ذلك الاحتمال الذي نخالفه فيه احتمالات أخرى تسيغها العربية، ولا تكلف القرآن أن يجري على أسلوب لغة أخرى غيرها، فقال: يجوز أن يكون تذكير اسم الإشارة في ذلك مراعاة لتذكير الخبر، أو أن يكون تذكيره لتنزيل الشمس منزلة المذكر. وإني أرى أن إبراهيم كان يشير إلى جرم الشمس في ذلك الوقت لا إلى لفظها، ولفظها هو المؤنث في العربية، أما مدلولها فكوكب من الكواكب كالقمر وغيره، والكوكب مذكر لا مؤنث، ولهذا أشار إليه إبراهيم بلفظ المذكر
عبد المتعال الصعيدي
الأدب المصري في رأي كاتب لبناني
ننقل عن زميلتنا (المكشوف) البيروتية ذلك الرأي الجريء الذي أشار إليه في هذا العدد