عد أسلوباً من أساليب الخيانة والتثبيط والفت في الأعضاد. . . أن الحيوان المقدس المتمدن لا يزال يعيش بغرائزه على رغم معابده ومحافل السلام فيه ومعاهد العلم عنده. . .
وتكتلت المحصولات والأثمار والذهب لتقذف في النار مع الجماجم والأيدي التي صنعتها وتعهدتها. . .
إذاً لماذا تبنون ناطحات السحاب وتجملون المدن وتقيمون التماثيل والأنصاب وتفرغون على ما تصنعون كل ما تملكون من فن وعلم ما دمتم تهدمون كل أولئك في لحظة؟
أين الحياة التي يحياها الإنسان في الأرض؟ ومتى؟ إن كل ما في العالم الآن من علم ودين وفن إنما هو إعداد للموت السريع. فأين العمل للحياة والاستقرار؟
أما والله لو لم تكن (الآخرة) التي تصير فيها الإنسانية إلى مصير آخر، أمام عيون الحكماء فلقد يضل ضلالهم ويجن جنونهم!
لقد أسبغت الإنسانية على مظاهر الحرب خلاصة من فنها المغري بها؛ إذ زينت الجنود بزينة فاتنة، وجعلت ثيابهم أفخر الثياب وادعاها إلى العشق والإعجاب، وعشق النساء رجال الحرب أكثر مما عشقن رجال السلم والعلم والفن.
أية خدعة محبوكة الأطراف هذه الحياة يا رب الحياة! إنك تدفعنا فيها إلى غايات مستورة ببعض الحلوى والزينة. . .
تدفعنا بمظاهر الضعف: بالحب، إلى النسل والولادة والعمران وتدفعنا بمظاهر القوة: بالحرب، إلى الموت والعقم والخراب. . .
الحب والحرب هما المظهران الأكبران للحياة، وعلى هامشهما يحيا الفن والشعر والعلم والعمل. . .
حياة محوطة بنواميس في داخل النفس وفي خارجها هي بهما في جذب ودفع. . .
أنحن آلات لا سعادة لها في دنياها إلا العمل، وليس وراء العمل سعادة؟
أظن هذا هو الأصح والأدعى إلى راحة العقيدة في الحياة
وإلى الآن لم يظفر الإنسان - ذلك المخلوق التائه - بنعمة الاستقرار حتى يتيح الفرصة لعلمائه أن يجاهدوا في الكشف عن عرائس أحلامه. . . لأن زعماء القطيع لا يزالون يتغنون بمجد الأنياب والأظفار. . . ولا تزال خيلاء المجد: مجد الديكة المنتفشة تسوق